80.ح مصاحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf|تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 ديسمبر 2022

العشيقة للشيخ محمد العريفي 

 

العشيقة للشيخ محمد العريفي 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله الذي فتح ابواب الجنان وزينها لاهل الهدى والايمان وملئها بالحبور والسرور واعدها بالانهار والقصور احمده سبحانه على جميع الاحسان واشكره على جليل الفضل والامتنان  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره واستن بسنته الى يوم الدين 

أما بعد ايها الاخوة والاخوات ان الحديث عن الجنات مشوق للمؤمنين والمؤمنات ودافع الى الاعمال الصالحات .

الجنة تلك الامنية الغالية التي يسعى اليها الساعون ويتسابق اليها المؤمنون

الجنة شعلة تكوي قلوب العاشقين وتسهر ليل المتعبدين استعذبوا من اجلها العذاب وتحملوا جليل المصاب

الجنة دار المتقين والشهداء والصالحين . هي نور يتلألأ وريحانة تهتز وفاكهة وخضرة . فيها العباد المنعمون الذين يأكلون ولا يتغوطون ويشربون ولا يبولون ويتطيبون ولا يمتخطون . يضحكون ولا يبكون ويقيمون ولا يرتحلون ويحيون ولا يموتون. فيها الوجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة . فيها الحور العين والجمال المبين فيها النعيم الدائم والعاشق الهائم

فيا راغبا في الجنان ***وطالبا رضى الرحمن

لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ ***  ـت بذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ ***    ـت السعي منك لها على الأجفان

ولقد وصفت طريق مسكنها *** فانرمت الوصال فلا تكن بالواني

أسرع وحث السير جهدك ***  انما مسراك هذا ساعة لزمان

فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ  ***   ـذل مهرها ما دمت ذا امكان

واجعل صيامك قبل لقياها ويو  ***  م الوصل يوم الفطر من رمضان

واجعل نعوت جمالها الهادي وسر *** تلقي المخاوف وهي ذات أمان

هي دار السلام سلمت من كل بلية وفة. هي دار الخلد لا يموتون فيها ولا يشيخون وهي دار المقامةلا ينتقلون منها ولا يملون. وهي جنة المأوى اوى اليها المؤمنون بعد دار النكد والبلاء . وهي جنات عدن وهي دار الحيوان وهي الفردوس وهي جنات النعيم والمقام الامين ومقعد صدق عند مليك مقتدر

سبحان من غرست يداه جنة الـ   ***   فردوس عند تكامل البنيان

ويداه أيضا أتقنت لبنائها *** فتبارك الرحمن أعظم بان

لما قضى رب العباد العرش  قا  ***   ل تكلمي فتكلمت ببيان

قد أفلح العبد الذي هو مؤمن *** ماذا ادّخرت له من الاحسان

فيها  الذي والله لا عين رأت *** كلا ولا سمعت به الأذنان

كلا ولا قلب به خطر المثا   ***   ل له تعالى الله ذو السلطان

روي انه عليه الصلاة والسلام قال (( خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجد خضراء ملاطها المسك وحصبائها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم قال لها انطقي فقالت قد افلح المؤمنون ))

نعم جنة عالية يزينها الله لاحبابه ويقول يوشك عبادي الصالحون ان يدعوا عنهم التعب والنصب ويدخلوكي . يتسابق اليها عشاقها وتنافس لخطبتها احبابها ز ولم يكونوا يكتفون بعمل واحد وانما كانوا ينوعون القربات ويتسابقون الى الخيرات .

وانظر الى الصحابة الكرام لما اجتمعوا على النبي عليه الصلاة والسلام فحدثهم عن الجنات ثم قال من انفق زوجين في سبيل الله من ماله نودي من ابواب الجنة يا عبد الله هذا خير. ثم قال وللجنة ثمانية ابواب فمن كان من اهل الصلاة دعي من باب الصلاة. ومن كان من اهل الجهاد دعي من باب الجهاد. ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان. ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب الصدقة. عندها يقفز ابو بكر البطل على قدميه ويصيح بين يديه قال بابي انت وامي يا رسول الله ما على احد من باس ان دعي من تلك الابواب كلها؟ همة عالية يريد ان يدخل من جميع تلك الابواب وان يسابق الى جميع تلك الطاعات فيقول عليه الصلاة والسلام نعم نعم وارجو ان تكون منهم . عندها يعمل لها ابو بكر جاهدا فيجمع ماله اربعين الفا يفك به المؤمنين من العذاب فاشترى بلالا واعتقه واشترى عمارا واعتقه . نعم يعمل لها ابو بكر فيصدق بكل ما يحدث به النبي عليه الصلاة والسلام فيخبرهم صلى الله عليه وسلم يوما في مكة انه في ليلة واحدة اسري به الى بيت المقدس وعرج به الى السماء عندها يكذب اكثر الناس ويصدق الصديق ابو بكر. نعم همة عالية وامنية غالية ابواب ثمانية واسعة باقية يريد ان يسابق اليها بين كل مصراعين من هذه الابواب مسيرة اربعين سنة وليزدحمن عليها المؤمنون ويلتقي عندها المحبون .فان كانت نفسك تحركت شوقا الى الجنات وتاقت الى انهارها ومتعها

 

فاسم اذا أوصافها وصفات ها  ***   تيك المنازل ربة الاحسان

هي جنة طابت وطاب نعيمها   ***   فنعيمها باق وليس بفان

دار السلام وجنة المأوى ومنـ   ***   ـزل عسكر الايمان والقرآن

سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ *** إجلال والاكرام والسبحان

والله أكبر عالم الأسرار والـ   ***   إعلان واللحظات بالأجفان

والحمد لله السميع لسائر الـ  ***   أصوات من سر ومن إعلان

وهو الموحد والمسبح والممجـ   ***   ـد والحميد ومنزل القرآن

والأمر من قبل ومن بعد له *** سبحانك اللهم ذا السلطان

الجنة دار الحبور والسرور ينسى فيها المريض مرضه والمصاب مصابه والفقير فقره والمقهور قهره . ليس فيها هم مال يجمع ولا منصب يرفع ولا مرض يزول ولا سجن يطول ولا بيت يبنى ولا ولد يشمى ولا عدو يخشى . نعم ليس فيهاكربات بل فرحة ومسرات

واذا سمعت خبر ادنى اهل الجنة منزلا علمت ان ما خفي عنا كان اعظم . روى مسلم انه صلى الله عليه وسلم قال ((آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفقه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال : تبارك الذي أنجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها فأشرب من مائها فيقول له الله : يا ابن آدم فلعلي إذا أعطيتكها سألتني غيرها فيقول : لا يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها قال : وربه عز وجل يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول : أي رب هذه فلأشرب من مائها وأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول : ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها فيقول : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه عز وجل يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها قال : بلى أي رب هذه لا أسألك غيرها فيقول : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول : أي رب أدخلنيها فيقول : يا ابن آدم ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها فيقول : أي رب أتستهزئ بي وأنت رب العالمين فضحك ابن مسعود فقال : ألا تسألوني مما أضحك ؟ فقالوا : مما تضحك ؟ فقال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تسألوني مما أضحك ؟ فقالوا : مما تضحك يا رسول الله ؟ قال : من ضحك ربي حين قال : أتستهزئ مني وأنت رب العالمين فيقول : إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قدير )) حين قال العبد اتهزء بي وانت رب العالمين فيقول رب العالمين فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول : رضيت، رب! فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله. فقال في الخامسة : رضيت، رب! فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله. ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك. فيقول : رضيت، رب!

وفي رواية غير الصحيح ان الله تعالى يقول له بعد ذلك يا عبدي سل _اسال،اطلب_ فيقول يا ربي الحقني بالناس فيقول له الله تعالى الحق بالناس فينطلق يرمل بالجنة _يعني يجري_ حتى اذا دنى من الناس رفع له قصر من درة فيخرساجدا فيقال له ارفع راسك مالك فيقول رايت ربي او ترائى لي ربي فيقال له ارفع راسك انما هومنزل من منازلك ثم يلقى رجلا فيتهيء للسجود له فيقال له مالك فيقول ارتئيت انك ملك من الملائكة فيقول له انما انا خازن من خزانك وعبد من عبيدك فينطلق امامه حتى يفتح له القصر فاذا هو درة مجوفة سقائفها وابوابها واغلالها ومفاتيحها منها . هذا ادنى اهل الجنة منزلة

اما اعلاهم منزلة فهم الذي غرس الله كرامتهم بيده وختم عليها فلم ترى عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على قلب بشر هذا

لكن أدناهم وما فيهم دني *** إذ ليس في الجنات من نقصان

فهو الذي تلقى مسافة ملكه *** بسنيننا ألفان كاملتان

فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ   ***   يته لأدناه القريب الداني

أو ماسمعت بأن آخر أهلها *** يعطيه رب لعرش ذو الغفران

أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ   ***   ـثال لها سبحان ذي الاحسان

 

روى الترمذي والطبراني انه عليه الصلاة والسلام قال ((إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن يسير في ملكه وسرره ألف سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، وأرفعهم ينظر إلى ربه بالغداة والعشي    ))

والريح يوجد من مسيرة أربعيـ   ***   ـن وإن تشأ مائة فمرويان

سبحان من غرست يداه جنة الـ   ***   فردوس عند تكامل البنيان

ويداه أيضا أتقنت لبنائها *** فتبارك الرحمن أعظم بان

وكلما كان العمل اكثر كان الوجه انضر والجزاء اكبر. واول البشر دخولا الى الجنة على الاطلاق محمد صلى الله عليه وسلم .ولماذا لا يكون اول الناس دخولا وهو الذي علق قلبه بالسماء فاذا سمعهم يرددون يا ساحر يا كاهن يا كذاب هان عليه ذلك نعم هان عليه ما دام ان الذي في السماء راض فما عليه ما فاته من الدنيا . فلما ارضى ربه بالصبر على البلاء وارضاه بالدعوة والاباء وارضاه بالجهاد والفداء قال له الله تعالى (( ولسوف يعطيك ربك فترضى))« الضحى ، 5» يسجد صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فيمضي شقي من اشقياء قريش ثم ياتي بسلا جسور اتدري ما سلا الجسور! اذا ولدت الناقة وليدها وخرج معه ما يخرج من دماء وفرث اخذه ذلك الرجل الشقي اخذ بين يديه هذا الدم والفرث وما فيه من اذى يتقاطر من بين يديه ثم اقبل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد ثم جعله بين كتفيه حتى سالت الدماء والفرث والاذى على وجهه ورقبته ولحيته عليه الصلاة والسلام . يستحق ان يكون اول اهل الجنة دخولا

ثم اول الامم دخولا الى الجنة هم امته عليه الصلاة والسلام واول من يدخل من هذه الامة ابو بكر رضي الله تعالى عنه ثم يدخل المؤمنون الى الجنة بعد ذلك على اكمل صورة واجملها على صورة ابيهم ادم عليه السلام الذي خلقه الله بيده فاتم خلقه واحسن تصويره طوله ستون ذراعا في السماء يدخلون نفوسهم صافية رضية وارواحهم طاهرة زكية لا اختلاف بينهم ولا تطابق فلله ما ابهى تلك الصور ينسى الدميم دمامته والمعوق اعاقته والمشوه قباحته بل يحتقر الجميل سابق ملاحته والوسيم سابق وسامته وقد صارت وجوههم انوارا وابدانهم اطهارا . واول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على اشد كوكب دري في السماء اضاءة. لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون ولا ينامون امشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الالوة وازواجهم الحور العين. اخلاقهم على خلق رجل واحد يدخلونها جردا مردا بيضا جعدا مكحلين ابناء ثلاث وثلاثين ويعطى الواحد منهم قوة مئة في الفراش .

ألوانهم بيض وليس لهم لحى *** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان

هذا كمال الحسن في أبشارهم *** وشعورهم وكذلك العينان

ولقد أتى أثر بأن لسانهم *** بالمنطق العربي خير لسان

 

فاذا دخلوها فاذا الاشجار تفوح بالاطياب والملائكة ترحب عند الابواب وقد رضي عنهم الملك الوهاب. رقت منهم القلوب ورضي علام الغيوب (( وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين 73 وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين 74 وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين 75)) « الزمر»

فاذا دخلوها ترتعوا في ارجائها فوجدوا السرر المرفوعة المجهزة للاحباب والاكواب الموضوعة المهيئة للشراب والوسائد المصفوفة تاخذ بالالباب . راوا الوجه الناعم والظل الدائم . الروائح الزكية والقصور العلية والثياب الندية .

هذا وأول زمرة فوجوههم *** كالبدر ليل الست بعد ثمان

السابقون هم وقد كانوا هنا *** أيضا أولي سبق الى الاحسان

والزمرة الأخرلا كأضواء كوكب *** في الأفق تنظره به العينان

أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ   ***   ـك خالص يا ذلة الحرمان

هذا وسنهم ثلاث مع ثلا   ***   ثين التي هي قوة الشبان

والطول طول أبيهم ستون لـ   ***   ـكن عرضهم سبع بلا نقصان

هذا كمال الحسن في أبشارهم *** وشعورهم وكذلك العينان

ولقد أتى أثر بأن لسانهم *** بالمنطق العربي خير لسان

والريح يوجد من مسيرة أربعيـ   ***   ـن وإن تشأ مائة فمرويان

 

فينزلون في الجنة حيث شاءوا . ان شاءوا على انهارها وان شاءوا في ظلالها وان شاءوا على ارائكها . اما ان نزلوا في خيامها فهي عجب قال عليه الصلاة والسلام (( ان للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا للمؤمن فيها اهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا )) . واما قصورها فهي اعجب ارايت قصرا يبنى بالذهب والفضة والياقوت والمرجان والجوهر والزمرد . في المسند قال عليه الصلاة والسلام (( ان في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها اعدها الله تعالى لمن اطعم الطعام والان الكلام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام ))

وقد جهزت غرف وقصور في الجنان للصالحين والصالحات احسنوا الاعمال وتعبدوا للكريم المتعان فبنيت قصورهم وهم في الدنيا قال صلى الله عليه وسلم وهو يذكر انه دخل الجنة قال (( فسمعت خشفة في الجنة –اي صوت مشي- قلت من هذا فقيل هذا بلال )) فما شان بلال يسبق الى هناك . سئل بلال رضي الله عنه عن ذلك وقيل قد ساله النبي صلى الله عليه وسلم بما سبقت الى الجنة فقال رضي الله تعالى عنه ما اعلم من عمل صالح غير اني يا رسول الله ما توضئت وضوءا الا صليت به ركعتين. قال عليه الصلاة والسلام (( ورايت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا فقالوا لعمر بن الخطاب )) فمن كان يريد بناء قصره وهو في الدنيا فليستمع . في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام (( من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة )) وعند مسلم قال عليه الصلاة والسلام ((من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة)) وهذه الركعات فصلت في حديث اخر فبين عليه الصلاة والسلام انها ركعتان قبل الفجر واربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء .فمن صلاها في كل يوم بنى الله له كل يوم بيتا في الجنة .فالبيوت

وبناؤها اللبنات من ذهب *** وأخرى فضة نوعان محتلفان

وقصورها من لؤلؤ وزبرجد *** أو فضة أو خالص العيقان

وكذاك من در وياقوت به *** نظم الناء بغاية الاتقان

والطين مسك خالص أو زعفرا   ***   ن جابذا أثران مقبولان

والأرض مرمرة مخالص فضة *** مثل المرات تناله العينان

حصباؤها در وياقوت كذا   ***   ك لآلىء نثرت كنثر جمان

وترابها من زعفران أو من المـ   ***   ـسك الذي ما استلّ من غزلان

غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان

سكانها أهل القيام مع الصيا   ***   م وطيب الكلمات والاحسان

للعبد فيها خيمة من لؤلؤ *** قد جوفت هي صنعة الرحمن

فيها مقاصير بها الأبواب من *** ذهب ودر زين بالمرجان

وخيامها منصوبة برياضها *** وشواطئ الأنهار ذي الجريان

لله هاتيك الخيام فكم بها *** للقلب من علق ومن أشجان

فيها الأرائك وهي من سرر عليـ   ***   ـهن الحجال كثيرة الألوان

فتخيل نفسك بالجنة وتخيليها وقد اعدت لكم الارائك في حدائقها والسرر في بساتينها بالوان فاخرة وسرر ناضرة ((مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ 54 )) « الرحمن » النمارق مصفوفة والزرابي مبثوثة والسرر مرفوعة طول السرير في السماء مئة ذراع فاذا اراد الرجل ان يجلس عليه تواضع له نزل له حتى يجلس عليه فاذا جلس عليه ارتفع الى مكانه واينما تلفت في الجنة رايت العجائب. الانهار تجري من تحت قصورها وينغمس فيها اهلها قال الله وهو يصف انهارها ((فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ)) « محمد»

انهار حوافها من ذهب وترابها الدر والياقوت وريحها اطيب من المسك وماءها احلى من العسل ولونها ابيض من الثلج. فتتقلب كما شئت في انهارها. وان شئت فات الفردوس فهو اوسط الجنة واعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة .

أنهارها في غير أخدود جرت *** سبحان ممسكها عن الفيضان

من تحتهم تجري كما شاءوا مفجـ   ***   ـرة وما للنهر من نقصان

عسل مصفى ثم ماء ثم  خمـ  ***   ـر  ثم أنهار من الألبان

مع خمرة لذت لشاربها بلا *** غول ولا داء ولا نقصان

والخمر في الدنيا فهذا وصفها *** تغتال عقل الشارب السكران

وبها من الأدواء ما هي أهله *** ويخاف من عدم لذي الوجدان

فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ   ***   ـخمر التي في جنة الحيوان

 

نعم خمر الجنة منزه عن خمر الدنيا فلا صداع ولا لهو ولا نزف مال ولا تضيع عيال ولا توهم دار اما خمر الدنيا فهو رجس من عمل الشيطان توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتدعو الى الزنا والفساد وربما اوقعت الرجل على بنته واخته وتذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة وترهق شاربها بالمجانين فمن هجروا خمر الدنيا شربوا من خمر الاخرة . وان شاءوا شربوا من عين الكافور قال الله ((إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا 5 عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا 6  )) « الانسان»  وان شاءوا سقوا من تسنيم ((إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ 22  عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ 23 تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ 24 يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ 25  خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ 26 وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ 27 عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ 28 ))  « المططففين » وان شاءوا سقوا من السلسبيل ((وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا 17 عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا 18)) « الانسان»  يتمتعون بهذه الانهار وهم في ظلال الاشجار ((وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ 27 فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ 28 وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ 29 وَظِلٍّ مَمْدُودٍ 30 وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ 31 وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ 32)) « الواقعة »

اشجار الجنة ايها الاخوة والاخوات دائمة العطاء (( اكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا)) ومن طيب الثمار انها تتشابه في اشكالها وتختلف في طعومها يعني تاكل الرمانة اليوم فيكون لها طعم فاذا اكلت اختها من الغد من الشجرة نفسها وجدت لها طعما اخر فاذا تناولتها في اليوم الثالث فاذا الشكل نفسه لكن الطعم جديد فلا تزال تكون مشتاقا في كل يوم كيف سيكون طعمها قال الله ((وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 25)) « البقرة » وبها شجرة يسير الراكب الجواد المطمر السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها قال الله (( وظل ممدود )) نعم وظل ممدود فتخيل نفسك متكئا تحتها تنعم بجمال ظلها ((مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا 13 وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا 14)) « الانسان »

في الجنة سيقان الاشجار من ذهب واوراقها في اعلى الرتب وثمارها قريبة ممن رغب ومن قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ومن قال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر غرست له اشجار. وعند باب الجنة شجرة عظيمة ينبعمن اصلها عينان الاولى يشرب منها الداخلون والثانية منها يتطهرون .

أشجارها نوعان منها ما له  *** في هذه الدنيا مثال ذان

وكذلك الرمان والأعناب *** التي منها القطوف دوان

فيلذها في الأكل عند منالها *** وتلذها من قبله العينان

يا طيب هاتيك الثمار وغرسها *** في المسك ذاب الترب للبستان

وكذلك الماء الذي يسقى ب *** ياطيب ذاك الورد للظوآن

وإذا تناولت الثمار أتت نظيـ   ***   ـرتها فحلت دونها بمكان

بل ذللت القطوف فكيف ما   ***   شئت انتزعت بأسهل الامكان

 

كيفما شئت انتزعت باسهل الامكان . سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير قوله تعالى (( وذللت قطوفها تذليلا)) قيل له كيف ذللت قطوفها فقال اذا جلس العبد في الجنة فنظر الى ثمرة في الغصن فاذا هم ان يتناولها تدلى اليه الغصن يقترب اليه الغصن حتى يتناول ما يريد فهي مذلله يتناولها ان شاء قائما وان شاء قاعدا وان شاء مضطجعا .

وثمارها ما فيه من عجم كأمـ  ***   ـثال القلال فجلّ ذو الاحسان

وظلالها معدودة ليست تقي *** حرا ولا شمسا وأنى ذان

أو ما سمعت بظل أصل واحد ***فيه يسير الراكب العجلان

مائة سنين قدرت لا تنقضي ***هذا العظيم الأصل والأفنان

 

فاهل الجنة بفاكهةمما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ((كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ 24 ))  « الحاقة » وليس اكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظما ولا تطيبهم عن نتن وانما هي لذات متوالية ونعم متتابعة . الا ترى ان الله تعالى قال لادم ((إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى 118 وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى 119))  « طه» فهو ياكل من غير جوع ويستظل من غير شمس مؤذية

وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم *** ولحوم طير ناعم وسمان

وفواكه شتى بحسب مناهم *** يا شبعة كملت لذي الايمان

لحم وخمر والنسا وفواكه *** والطيب مع روح ومع ريحان

وصحافهم ذهب تطوف عليهم *** بأكف خدام من الولدان

 

قال ابن مسعود رضي الله عنه انك لتنظر للطير في الجنة فتشتهيه فيقع بين يديك مشويا .

يسقون فيها من رحيق ختمه من مسك اوله كمثل الثان

وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ   ***   ـكافور ذاك شراب ذي الاحسان

هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ   ***   أبرار شربهم المقرب خيرة الرحمن

هذا وتصريف المآكل منهم *** عرق يفيض لهم من الأبدان

كروائح المسك الذي ما فيه خلـ   ***   ـط غيره من سائر الألوان

فتعود هانيك البطون ضوامرا *** تبغي الطعام على مدى الأزمان

لا غائط فيها ولا بول ولا *** مخط ولا بصق من الانسان

ولهم جشاء ريحه مسك يكو   ***   ن به تمام الهم بالاحسان

ولباسهم من سندس خضر ومن *** استبرق نوعان معروفان

وهم الملوك على الأسرة فوق ها   **  تيك الرؤوس مرصع التيجان

 

نعم والله ملوك على الاسرة حتى على رؤوسهم التيجان وعند اقدامهم الخدم والغلمان .ولماذا لا يكون حالهم كذلك وهم لطالما اطاعوا لما عصى الاشقياء وبذلوا لما بخل الجبناء وثبتوا على دينهم وقد عظم البلاء .صدقوا بمحبتهم لربهم فاستحقوا ان يفرحوا بلقائه ويتنعموا بقربه هذا الذي اعده الله تعالى هناك ((جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ 33 وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ 34 الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ 35)) « فاطر »

هذا شيء من نعيم الجنة ووالله انما خفي كان اعظم . عند البخاري قال عليه الصلاة والسلام (( قال الله عز وجل اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . ثم قال اقراوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاءا بما كانوا يعملون ))

فيا ايها الناس سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

ومن اعظم ما وصف الله من نعيم الجنة ما فيها من الزوجات والحوريات واول من يتمتع بذلك النساء المؤمنات . نعم فما اطيب عيش المؤمنة بالجنة عندما تتقلب في انهارها وتشرب من عسلها بل وتنظر الى وجه ربها ويكمل الجمال ويزين للمؤمنات في الجنات فاذا كان الله تعالى قد وصف الحور العين بما وصف وهن لم يقمن الليل ولم يصمن النهار ولم يصبرن عن الشهوات فما بالك بجمال المؤمنات وهن طالما خلون برهن في ظلمة الليل يسمع نجواهن ويجيب دعائهن. طالما تركن لاجل رضاه اللذات وفارقن الشهوات فيا بشرى المؤمنات في الجنات وقد تلقتهن الملائكة عند الابواب تبشرهن بالنعيم وحسن الثواب وقد ازددن جمالا فوق جمالهن قال الله (( وعد الله المؤمنين والمؤمنات )) نعم والمؤمنات ماذا وعد ((وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 72 ))  « التوبة»

فالمؤمنة في الجنة قد

كملت خلائقها وأكمل حسنها *** كالبدر ليل الست بعد ثمان

والشمس تجري في محاسن  وجهها*** والليل تحت ذوائب الأغصان

والبرق يبدو حين يبسم ثغرها *** فيضيء سقف القفصر بالجدران

 

روي ان ام سلمة رضي الله عنها قالت يا رسول الله انساء الدنيا افضل ام الحور العين فقال عليه الصلاة والسلام (( نساء الدنيا افضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة )) اي كفضل ظهارة الثوب على بطانته ومعلوم ان ظاهرالثوب من القماش يهتم الناس بجماله ويغالون بقيمته اكثر مما يهتمون ببطانة الثوب التي لا يراها احد. قالت قلت يا رسولالله وبما ذاك قال (( بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل البس الله عز وجل وجوههن النور واجسادهن الحرير . بيض الالوان خضر الثياب صفر الحلي مجامرهن الدر وامشاطهن الذهب يقلن الا نحن الخالدات فلا نموت ابدا الا ونحن الناعمات فلا نبئس ابدا الا ونحن المقيمات فلا نطعن ابدا الا ونحن الراضيات فلا نسخط ابدا طوبى لمن كنا له وكان لنا )) المراة في الجنة لوتفلت في بحار الدنيا لعذبت كلها ولو اطلعت من سقف بيتها الى الدنيا لاخفى نورها نور الشمس والقمر .

نعم هذا نعيم من فاز بالجنات . فالجنة للرجال والنساء بل من النساء الصالحات من جاءتها بشراها بالجنة وهي لا تزال في الدنيا وعند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم اتاه جبريل يوما فقال يا رسول الله هذه خديجة قد اتتك ومعها اناء فيه ادام او طعام او شراب فاذا هي اتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب . مؤمنة بشرت ببيت في الجنة وهي لا تزال تمشي على قدميها في الدنيا . وقال عليه الصلاة والسلام (( دخلت الجنة فاذا انا بالرميصاء امراءة ابي طلحة))- وهي ام سليم ام انس بن مالك رضي الله تعالى عنه وعنها- ولا ننسى تلك المراة الصالحة التي كانت تمشط بنت فرعون ثم قتلها فرعون قتلة بشعة وقتل قبلها اولادها . روى البيهقي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لما اسري بي مرت بي رائحة طيبة فقلت ما هذه الرائحة فقيل لي هذه ماشطة بنت فرعون واولادها )) اسمع الى اوصاف نساء الجنة واسمعي اوصافهن لعل نفسك ان تشتاق لتكوني واحدة منهن فما وصفت الحور العين بوصف الا وكان وصفك اجمل منه اضعافا والحور العين من خلق الله في الجنة انشأهن الله انشاءا فجعلهن ابكارا عربا اترابا خلق الله تعالى الحور العين من الزعفران . عجبا اذا كانت الصورة الادمية لفتاة اليوم في حسنها وتماسكها وهي مخلوقة من تراب فكيف يكون حال الحور العين وقد خلقن من الزعفران وهن عفيفات قال الله تعالى ((وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ 48)) « الصافات»  اي قصرن اطرافهن على ازواجهن متحببات الى ازواجهن  لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان  كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ  لونهم ضوء الشمس ما عبثت به يد وهن كالياقوت والمرجان وهن خيرات حسان  مقصورات في الخيام  مطهرات من الحيض والنفاس والبول والغائط والمخاط  ولهم فيها ازواج مطهرة  وهم فيها خالدون  اذا مشت رايت مخ ساقها من لحمها واذا ضحكت ظننت الكون مجتمعا في حسنها واذا اطلت رايت نور الشمس في وجهها . وعند البخاري قال عليه الصلاة والسلام (( ولو ان امراءة من اهل الجنة اضطلعت الى اهل الارض لاضاءت ما بينهما ولملئته ريحا ولنصيفها على راسها خير من الدنيا وما فيها )) قال محمد بن كعب رحمه الله والله الذي لا اله الا هو لو ان امراءة من الحور العين اطلعت سوارها لاطفأ نور سوارها الشمس والقمر ثم قال فكيف بالمسورة . يا جماعة اذا كان هذا الجمال وهذا النور من السوار الذي في يدها اذا اليد التي تلبس السوار كيف سيكون جمالها ونورها . وقال ابو هريرة رضي الله عنه ان في الجنة حوراء يقال لها العيناء اذا مشت مشى حولها سبعون الف وصيف عن يمينها وعن يسارها كذلك وهي تقول اين الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر . وقال ابن عباس رضي الله عنهما ان في الجنة حوراء يقال لها لعبة لو بزقت في البحر لعذب ماء البحر كله مكتوب على ظهرها من احب ان يكون له مثلي فليعمل بطاعة ربي . وقال مالك بن دينار ان في الجنة حوراء يتباهى بها اهل الجنة لحسنها لولا ان الله كتب على اهل الجنة الا يموتوا لماتوا عن اخرهم من حسنها . وروى احمد والترمذي بسند صحيح انه عليه الصلاة والسلام قال (( لا تؤذي امراءة زوجها في الدنيا الا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك الينا ))

فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ   **   ـتر لنفسك يا أخا العرفان

حور حسان قد كملن خلائقا *** ومحاسنا من أجمل النسوان

فيرى محاسن وجهه في وجها *** وترى محاسنها به بعيان

حمر الخدود ثغورهن لآلئ *** سود العيون فواتر الأجفان

والبرق يبدو حين يبسم ثغرها *** فيضيء سقف القفصر بالجدران

ولقد روينا أن برقا ساطعا *** يبدو فيسأل عنه من بجنان

فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك *** في الجنة العليا كما تريان

لله لاثم ذلك الثغر الذي *** في لثمه إدراك كل أمان

 

قال يزيد النمرقاشي بلغني ان نورا سطع في الجنة لم يبق موضع في الجنة الا دخل فيه من ذلك النور فيتعجب اهل الجنة يقولون ما هذا النور فيقال هذا النور خرج من فم حوراء ضحكت في وجه زوجها هذا النور خرج من فمها لما ضحكت . اسمع ماذا قال ابن القيم يقول

لله لاثم ذلك الثغر الذي *** في لثمه إدراك كل أمان

ريانة الأعطاف من ماء الشبا   ***   ب فغصنها بالماء ذو جريان

والقد منها كالقضيب اللدن في *** حسن القوام كأوسط القضبان

والمعصمان فان تشأ شبههما *** بسبيكتين عليهما كفان

كالزبد لينا في نعومة ملمس *** أصداف در دورت بوزان

لا الحيض يغشاه ولا بول ولا *** شيء من الآفات في النسوان

ولقد رأينا أن شغلهم الذي *** قد جاء في يس دون بيان

شغل العروس بعرسه من بعدما *** عبثت به الأشواق طول زمان

بالله لا تسأله عن أشغاله *** تلك اليالي شأنه ذو شان

واضرب لهم مثلا بصب غاب عن *** محبوبه في شاسع البلدان

والشوق يزعجه اليه وما له   ***   بلقائه سبب من الامكان

وافى اليه بعد طول مغيبه *** عنه وصار الوصل ذا امكان

أتلومه ان صار ذا شغل به *** لا والذي أعطى بلا حسبان

يا رب غفرا قد طغت أقلامنا *** يا رب معذرة من الطغيان

أقدامها من فضة قد ركبت ***  من فوقها ساقان ملتفان

الساق مثل العاج ملموم يرى *** مخ العظام وراءه بعيان

والريح مسك والجسوم نواعم  *** واللون كالياقوت والمرجان

وكلامها يسبي العقول بنغمة *** زادت على الأوتار والعيدان

وهي العروب بشكلها وبدلها *** وتحبب للزوج كل أوان

أتراب سن واحد متماثل  س *** ن الشباب لأجمل الشبان

بكر فلم يأخذ بكارتها سوى المح *** بوب من انس ولا من جان

وأعفهم في هذه الدنيا هو  *** الأقوى هناك لزهده الفاني

فاجمع قواك لما هناك وغمض *** العينين واصبر ساعة لزمان

ما ههنا والله ما يسوى قلام *** ة ظفر واحدة ترى بجنان

لا تؤثر الأدنى على الأعلى  *** فان تفعل رجعت بذلة وهوان

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما لو ان حوراء اخرجت كفها بين السماء والارض لافتتن الخلائق بحسنها ولو اخرجت نصيفها يعني الخمار الذي تجعله على راسها لكانت الشمس عند حسنها مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها ولو اخرجت وجهها لاضاء حسنها ما بين السماء والارض

وإذا بدت في حلة من لبسها   ***    وتمايلت كتمايل النشوان

تهتز كالغصن الرطيب وحمله   ***    ورد وتفاح على رمان

وتبخترت في مشيها ويحق ذا   ***   ك لمثلها في جنة الحيوان

ووصائف من خلفها وأمامها   ***    وعلى شمائلها وعن أيمان

كالبدر ليلة تتمة قد حف في   ***    غسق الدجى بكواكب الميزان

فلسانه وفؤاده والطرف في   ***    دهش وإعجاب وفي سبحان

فالقلب قبل زفافها في عرسه   ***    والعرس من أثر العرس متصلان

وسل المتيم ابن خلف صبره   ***    في أي واد أم بأي مكان

وسل المتيم كيف حالته وقد   ***    ملئت له الأذنان والعينان

من منطق رقت حواشيه ووجـ   ***   ـه كم به للشمس من جريان

وسل المتيم كيف مجلسه مع الـ   ***   ـمحبوب في روح وفي ريحان

وتدور كاسات الرحيق عليهما   ***    بأكف أقمار من الولدان

غاب الرقيب وغاب كل منكد   ***   وهما بثوب الوصل مشتملان

أتراهما ضجرين من ذا العيش لا   ***    وحياة ربك ما هما ضجران

لا يمل احدهما من الاخر ابدا

 

ويزيد كل منهما حبا لصا   ***   حبه جديدا سائر الأزمان

فيا ايها العشاق بل يا ايها الشباب الذين تعلقت ابصارهم براقصات في بارات او مغنيات فاجرات او بكاسيات عاريات مائلات مميلات دعوا عنكم النتن علقوا انفسكم بالجنات

يا مغرق الطرف المذب يالاولى  *** جردن عن حسن وعن احسان

وجمالها زور ومصنوع فان   ***    تركته لم تطمح لها العينان

فجمالها قشر رقيق تحته   ***    ما شئت من عيب ومن نقصان

فانظر مصارع من يليك ومن خلا   ***    من قبل من شيب ومن شبان

فاخطب من الرحمن خودا ثم قد   ***    م مهرها ما دمت ذا إمكان

والله لم تخرج الى الدنيا للذ   ***   ة عيشها أو للحطام الفاني

لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ   ***   أخرى فجئت بأقبح الخسران

أهملت جمع الزاد حتى فات بل   ***    فات الذي ألهاك عن ذا الشان

والله لو أنّ القلوب سليمة   ***    لتقطعت أسفا من الحرمان

لكنها سكرى بحب حياتها الد   ***   نيا وسوف نفيق بعد زمان

 

اما اهل الجنة هم يتقلبون في نعيمها وحالهم كما قال الله (( يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون 68 الذين امنوا باياتنا وكانوا مسلمين 69 ادخلوا الجنة انتم وازواجكم تحبرون 70 يطاف عليكم بصحاف من ذهب واكواب وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وانتم فيها خالدون 71  وتلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون 72  لكم فيها فاكهة كثيرة منها تاكلون 73 )) « الزخرف » وقال الله تعالى (( ان اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون 55)) « يس » نعم هم مشغولون . مشغولون بالنظر الى وجه الجبار والتقلب في الانهار وافتضاض الابكار ومجالسة الاخيار وصيد الاطيار والضحك على اهل النار (( ان اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون 55 هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكئون 56 لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون 57 سلام قولا من رب رحيم 58)) « يس»  فلله ما ابهى ذلك النعيم . اعلى نعيم يمر على اهل الجنة واجله واكرمه وابركه انهم يرون ربهم نعم نعم يرون ربهم الذي طالما عاهدوه بالاسحار وبكوا من خشيته في النهار الذي فروا اليه عند الكربات وخافوا من مراقبته في الخلوات . الذي صدقوا رسله واطاعوا امره لم ينشغلوا عنه بلذة في ليل ولا معصية في نهار فهم اليوم يقبلون بابصارهم عليه وينظرون اليه ويقفون بين يديه .

في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام (( ان الله تعالى يقول لاهل الجنة يا اهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير كله بين يديك فيقول هل رضيم فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربي وقد اعطيتنا ما لم تعطي احدا من خلقك فيقول الا اعطيكم افضل من ذلك فيقولون يا ربي واي شيء افضل من ذلك فيقول احل عليكم رضواني فلا اسخط عليكم بعده ابدا )) وفي رواية عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام (( اذا دخل اهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا ازيدكم فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فينظرون اليه فلا اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى ربهم تبارك وتعالى ثم قرا عليه الصلاة والسلام (( للذين احسنوا الحسنى وزيادة )))) فالنظر الى وجه الله الكريم هو الزيادة وهو المتعة الكبرى والعطية العظمى بل هو والله اعظم كرامة فينظر المؤمنون الى ربهم فيفرحون اهذا ربنا الذي طالما دعوناه فاستجاب واستغفرناه فغفر وتاب اهذا ربنا الذي فارقنا لاجله اوطاننا وبذلنا اموالنا وارواحنا احقا هذا ربنا الذي سجدنا له في الاسحار وبكينا من خشيته في النهار هذا ربنا الذي سمى نفسه رحيما فرحمنا ولطيفا فلطف بنا وقريبا فاستجاب دعائنا . فينظرون الى وجه الحي الذي لا يموت الذي سالت الجوامد لهيبته واندكت الجبال من خشيته وجرت الانهار بقدرته . وجهه اعظم الوجوه وجاهه اعظم الجاه وجماله اكمل الجمال ينظرون الى ربهم فلا يلتفتون الى نعيم اخر ما داموا ينظرون اليه نعم ينسون والله الانهار وجريانها والحور العين ودلالها والثمار ولذتها والقصور وسعتها ينسون كل نعيم ما داموا ينظرون الى العزيز الرحيم .

والله لولا رؤية الرحمن في الـ   ***   ـجنات ما طابت لذي العرفان

أعلى نعيم رؤية وجهه   ***    وخطابه في جنة الحيوان

وأشد شيء في العذاب حجابه   ***    سبحانه عن ساكني النيران

وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي   ***    هم فيه مما نالت العينان

فإذا توارى عنهم عادوا الى   ***    لذاتهم من سائر الألوان

فلهم نعيم عند رؤيته سوى   ***    هذا النعيم فحبذا الأمران

والله ما في هذه الدنيا ألذ    ***    من اشتياق العبد للرحمن

وكذاك رؤية وجهه سبحانه   ***    هي أكمل اللذات للانسان

أو م سمعت بأنه سبحانه   ***    حقا يكلم حزبه بجنان

فيقول جل جلاله هل أنتم   ***    راضون قالوا نحن ذو رضوان

أم كيف لا نرضى وقد أعطيتنا   ***    ما لم ينله قط من انسان

فيقول أفضل منه رضواني فلا   ***    يغشاكم سخط من الرحمن

أو ما سمعت منادي الايمان يخـ   ***   ـبر عن منادي جنة الحيوان

يا أهلها لكم لدى الرحمن وعـ   ***   ـد وهو منجزه لكم بضمان

قالوا أما بيضت أوجهنا كذا   ***    أعمالنا أثقلت في الميزان

وكذاك قد أدخلتنا الجنات حيـ   ***   ـن أجرتنا من مدخل النيران

فيقول عندي موعد قد آن أن   ***    أعطيكموه برحمتي وحناني

فيرونه من بعد كشف حجابه   ***    جهرا روى ذا مسلم ببيان

الجنة تزداد حسنا وبهاءا قال الله جل وعلا (( وازلفت الجنة للمتقين غير بعيد 31)) « ق»  اي قربت وزينت (( هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ 32 من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب 33 ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود 34 لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد 35)) « ق»

نعم في الجنة يعوض الله المحسن عن احسانه والمجاهد عن جهاده والصابر عن صبره والمريض عن مرضه والفقير عن فقره والمبتلى عن بلائه والداعية عن دعوته والعالم عن علمه . فهي امنية العاشقين وعشيقة الصالحين ومهوى افئدة السالكين فما دمعت العيون الا شوقا اليها ولا احترقت القلوب الا عشقا لها

وكل ما اشتهيت في الجنة يتحقق . فهذا رجل يحب الخيل فياتي الى النبي عليه الصلاة والسلام فيقول يا رسول الله هل في الجنة خيل فانها تعجبني فيول عليه الصلاة والسلام (( ان احببت اوتيت بفرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت )) وهذا رجل اخر في الجنة يتمنى الولد فيحقق الله له امنيته في ساعة واحدة حيث تحمل وتضع في ساعة . عند الترمذي واحمد باسناد صحيح قال عليه الصلاة والسلام (( المؤمن اذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي )) وهذا رجل يحب مجالسة اخوانه فيسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم (( اذا استقر اهل الجنة في الجنة اشتاق الاخوان الى الاخوان قال فيطير سرير هذا الى سرير هذا فيذكران ما كان بينهما في الدنيا ويقول له اتذكر مجلس كذا جلسنا فدعونا الله ان يغفر لنا فغفر لنا )) وفي مجلس اخر يقعد عند النبي عليه الصلاة والسلام رجل من البادية فيقول صلى الله عليه وسلم وهو يحدث اصحابه عن الجنة (( ان رجلا من اهل الجنة استاذن ربه في الزرع فقال الله له الست في ما شئت قال بلى ولكني احب الزرع قال فبذر فبادر الطرف نباته واستوائه واستحصاده وكان امثال الجبال فيقول الله تعالى دونك يا ابن ادم فانه لا يشبعك شيء فلما سمع الاعرابي النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذه القصة قال والله يا رسول الله لا تجده الا قرشيا او أنصاريا فانهم اصحاب زرع واما نحن فلسنا باصحاب زرع فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ))

نعم نعيم مقيم (( ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون )) افلا يستحق هذا النعيم الكثير والملك الكبير ان تترك لاجله اللذات الحاضرات . والله لو كنت مشتاقا لخمر الجنة لتصبرت عن خمر الدنيا ولو اشتقت للحور العين لغضضت بصرك عن الحرام واحصنت فرجك عن الحرام ولو صدق شوقك للذة النظر لوجه الكريم لبكيت في الاسحار وصمت النهار ولو اشتقت لمجالسة الانبياء لتركت مجالس الفحشاء. فالجنة ليست بالاماني لقد اشتاق اليها اقوام تركوا اوطانهم وهجروا اولادهم فعاشوا غرباء . الناس يتركون الصلاة وهم يصلون والناس ياكلون الربا وهم يتوروعون والناس يقارفون الفواحش وهم يعفون كل ذلك لاجل ربهم لما اشتاقوا اليه .

تالله لو شاقتك جنات النعيـ   ***   ـم  طلبتها بنفائس الأثمان

جليت عليك عرائس والله لو   ***    تجلى على صخر من الصوان

رقت حواشيه وعاد لوقته   ***    ينهال مثل نقى من الكثبان

يا سلعة الرحمن لست رخيصة   ***    بل انت غالية على الكسلان

يا سلعة الرحمن ليس ينالها   ***    في الألف الا واحد لا اثنان

يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها   ***    الا أولو التقوى مع الايمان

يا سلعة الرحمن أين المشتري   ***    فلقد عرضت بأيسر الأثمان

يا سلعة الرحمن هل من خاطب   ***    فالمهر قبل الموت ذو امكان

يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ   ***   ـخطاب عنك وهم ذوو ايمان

يا سلعة الرحمن لولا أنها   ***    حجبت بكل مكاره الانسان

ما كان عنها قط من متخلف   ***    وتعطلت دار الجزاء الثاني

لكنها حجبت بكل كريهة   ***    ليصد عنها المبطل المتواني

 

فالامر يحتاج الى تشمير ولقد كان صلى الله عليه وسلم يصرخ في اصحابه قائلا (( الا من مشمر للجنة فانها ورب الكعبة نور يتلاءلاء وريحانة تهتز وزوجة حسناء )) فقال الصحابة نحن المشمرون لها يا رسول الله

واذا شبع الانسان واطمأن راى عنده نهر يجري ونعما تسري وفاكهة حاضرة ونعمة ناضرة اشتهى ان يجالس احدا يسليه او يؤانسه ويهنيه قال محمد بن المنكدر اذا كان يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون اسماعهم وانفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان اسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوهم تمجيدي وتحميدي. وقال شهر بن حوشب ان الله جل ثنائه يقول لملائكته ان عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من اجلي فاسمعوا عبادي قال فياخذون باصوات من تسبيح وتكبير لم يسمعوا بمثله قط . ف

نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ   ***   ـاك الغناء عن هذه الألحان

لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ   ***   ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان

إن اختيارك للسماع النازل الـ   ***   أدنى على الأعلى من النقصان

والله أن سماعهم في القلب والـ   ***   إيمان مثل السم في الأبدان

والله ما انفك الذي هو دأبه   ***    أبدا من الاشراك بالرحمن

فالقلب بيت الرب جل جلاله   ***    حبا واخلاصا مع الاحسان

فإذا تعلق بالسماع اصاره   ***    عبدا لكل فلانة وفلان

حب الكتاب وحب ألحان الغنا   ***    في قلب عبد ليس يجتمعان

 

قال ابن عباس ويرسل ربنا   ***    ريحا تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا   ***   نسان كالنغمات بالأوزان

يا لذة الأسماع لا تتعوضي   ***    بلذاذة الأوتار والعيدان

أو ما سمعت سماعهم فيها غنا   ***   ء الحور بالأصوات والألحان

واها لذيّاك السماع فإنه   ***    ملئت به الأذنان بالاحسان

واها لذيّاك السماع وطيبه   ***    من مثل أقمار على أغصان

واها لذيّاك السماع فكم به   ***    للقلب من طرب ومن أشجان

 

قد يتسائل بعضكم او بعضكن هل في الجنة اصوات فاقول نعم. روى الترمذي بن ابي عاصم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال (( اخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوها بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون الله تبارك وتعالى ، فيبرز لهم عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فيوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ياقوت ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم وما فيها دني على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا ، قال أبو هريرة : وهل نرى ربنا عز وجل ؟ قال : نعم ، قال : هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ قلنا : لا ، قال: فكذلك لا تمارون في رؤية ربكم ، ولا يبقى ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة ، حتى يقول يا فلان ابن فلان ، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا ؟ فيذكره ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول : بلى ، أفلم تغفر لي ؟ فيقول: بلى ، فبمغفرتي بلغت منزلتك هذه ، قال : فبينما هم على ذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم ، فأمرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ، قال : ثم يقول ربنا تبارك وتعالى : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم ، قال : فيأتون سوقا قد حفت بها الملائكة فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب ، قال :فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيه ولا يشترى ، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا ، قال : فيقبل ذو البزة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دني ، فيروعه ما يرى الناس عليه من اللباس والهيئة ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ، قال : ثم ننصرف إلى منازلنا فيلقانا أزواجنا فيقلن : مرحبا وأهلا بحبنا ، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ، فنقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل، وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا )) . قال وقربهم من الله تبارك وتعالى في سوق الجنة بقدر تبكيرهم الى صلاة الجمعة فمن بكر صار اقرب الى الامام صار اقرب الى الحي القيوم يوم بل مزيد

يأتون سوقا لا يباع ويشترى   ***    فيه فخذ منه بلا أثمان

لله سوق قد أقامته الملا   ***   ئكة الكرام بكل ما احسان

فيها الذي والله لا عين رأت   ***    كلا ولا سمعت به اذنان

كلا ولم يخطر على قلب امرئ   ***    فيكون عنه معبرا بلسان

واها لذا السوق الذي من حله   ***    نال التهاني كلها بأمان

يا من تعوض عنه بالسوق الذي   ***    ركزت لديه راية الشيطان

لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم   ***    تركن الى سوق الكساد الفاني

فهم الى يوم المزيد أشد شو   ***   قا من محب للحبيب الداني

أو ما سمعت بشانهم يوم المزيـ   ***   ـد وأنه شأن عظيم الشان

هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الـ   ***   ـرحمن وقت صلاتنا وأذان

والسابقون الى الصلاة هم الألى   ***    فازوا بذاك السبق بالاحسان

سبق بسبق والمؤخر ههنا   ***    متأخر في ذلك الميدان

والأقربون الى الامام فهم أولو  ***   الزلفى هناك فههنا قربان

ويحاضر الرحمن واحدهم محا   ***   ضرة الحبيب يقول يا ابن فلان

هل تذكر اليوم الذي كنت فيـ   ***   ـه مبارزا بالذنب والعصيان

فيقول رب أما مننت بغفرة   ***    قدما فانك واسع الغفران

فيجيبه الرحمن مغفرتي التي   ***    قد أوصلتك الى المحل الداني

 

والمرء قد يتنعم بالدنيا بانواع النعيم لكنه اذا تذكر انقطاع لذاته بالموت والمرض تكدر وحزن اما في الجنة فلا مرض ولا موت في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام (( يجاء بالموت كانه كبش املح فيوضع بين الجنة والنار فيقال يا اهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون فيقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا اهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون مستبشرين يرجون الشفاعة ويقولون نعم هذا الموت قال فيؤمر به فيذبح ثم يقال يا اهل الجنة خلود فلا موت و يا اهل النار خلود فلا موت . ثم قرأ عليه الصلاة والسلام (( وانذرهم يوم الحسرة اذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون)) فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرحهم )) وكيف لا يفرحون وهم الذين صبروا على طاعة ربهم وسخروا جوارحهم لدينهم قال الله جل وعلا (( واقبل بعضهم على بعض يتسائلون 25 قالوا انا كنا قبل في اهلنا مشفقين 26 )) « الطور»  نعم كنا خائفين من ربنا وكنا نحفظ اسماعنا ونغض ابصارنا ونحفظ السنتنا ونطهر اموالنا ونعف بخروجنا . ما هو الجزاء (( تمنى الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم 28 )) « الطور »  وقال جل جلاله (( وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور 34 )) « فاطر»  نعم اذهب عنا الحزن فلا شدة في الجنة ولا سامة ولا مرض ولا حزن ولا تعب ((الذي احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب 35 )) « فاطر»

أو ما سمعت منادي الايمان يخـ   ***   ـبر عن مناديهم بحسن بيان

لكم حياة ما بها موت وعا   ***   فية بلا سقم ولا أحزان

ولكم نعيم ما به بؤس وما   ***    لشبابكم هرم مدى الأزمان

كلا ولا نوم هناك يكون ذا   ***    نوم وموت بيننا اخوان

أو ما سمعت بذبحه للموت بيـ   ***   ـن المنزلين كذبح كبش الضان

بالله ما عذر امرئ هو مؤمن   ***    حقا بهذا ليس باليقظان

يا غافلا عما خلقت له انتبه   ***    جد الرحيل فلست باليقظان

سار الرفاق وخلفوك مع الألي   ***    قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني

ورأيت أكثر من ترى متخلفا   ***    فتبعتهم ورضيت بالحرمان

لكن أتيت بخطتي وعجز وجهـ   ***   ـل بعد ذا وصحبت كل امان

منتك نفسك باللحاق مع القعو   ***   د عن المسير وراحة الأبدان

ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا   ***    ماذا صنعت وكنت ذا امكان

 

وفي مجالس اهل الجنة يتذكرون اهل الشر الذين كانوا في الدنيا ويتذكرون ما كانوا يستهزئون بهم اذا مشوا الى الفجر في الظلمات يتذكرون ما كانوا يستهزئون بمظاهرهم اذا استقاموا على السنة والطاعات . نعم يتذكرون اولئك الذين طالما استهزئوا بهم فيما يكتبون وفيما يقولون وفيما به يتكلمون . يتذكرون اولئك الذين كانوا يشككون اهل الايمان ويدعونهم الى الكفران . اسمع الى حكاية الله لاهل الجنة قال الله (( فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون 50 قال قائل منهم اني كان لي قرين 51 يقول ائنك لمن المصدقين 52 اءذا متنا وكنا ترابا وعظاما اءنا لمدينون53 )) « الصافات»  فلا يجدونهم معهم في الجنة (( قال هل انتم مطلعون 54)) هل تطلعون تبحثون عنهم في النار (( فاطلع فراه في سواء الجحيم 55 قال تالله ان كدت لتردين 56 ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين 57 افما نحن بميتين 58 الا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين 59 ان هذا لهو الفوز العظيم 60))  « الصافات» عندها تشفى صدور المؤمنين الاخيار من اولئك الفجار الذين طالما استهزئوا بهم في الدنيا وضيقوا عليهم في دينهم ووقفوا في طريق دعوتهم . هنا يفرح المؤمنين (( ونادى اصحاب الجنة اصحاب النار ان قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فاذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين 44 ))  « الاعراف» نعم لعنة الله على الظالمين

هذا حال اهل المعصية في ذل الاخرة بل لو تاملت والله لوجدت ان اهل المعصية في عذاب في الدارين وهم في الدنيا وان دلت ظواهرهم على انهم سعداء الا انهم في الحقيقة في ضيق دائم

كدحا وكدا لا يفتر عنهم   ***    ما فيه من غم ومن أحزان

والله لو   شاهدت هاتيك الصدو   ***   ر رأيتها كمراجل النيران

ووقودها الشهوات والحسرات والآ   ***   لام لا تخبو مدى الأزمان

أبدانهم أجداث هاتيك النفو   ***   س اللائي قد قبرت مع الأبدان

أرواحهم في وحشة وجسومهم   ***    في كدحها لا في رضا الرحمن

هربوا من الرق الذي خلقوا له   ***    فبلو ربق النفس والشيطان

 

وختاما يا خاطبا للجنان وطالبا رضا الرحمن

 

لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ   ***   ـت بذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ   ***   ـت السعي منك لها على الأجفان

ولقد وصفت طريق مسكنها فان   ***    رمت الوصال فلا تكن بالواني

أسرع وحث السير جهدك انما   ***    مسراك هذا ساعة لزمان

فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ   ***   ـذل مهرها ما دمت ذا امكان

واجعل صيامك قبل لقياها ويو   ***   م الوصل يوم الفطر من رمضان

واجعل نعوت جمالها الهادي وسر   ***    تلقي المخاوف وهي ذات أمان

نعم تلقي المخاوف وهي ذات أمان

 

اسال الله تعالى ان يجعلنا جميعا من اهل الجنة وان يرزقنا فيها الاجتماع مع الانبياء الاطهار والشهداء الابرار وان يجعلنا ممن ينظرون الى وجه العلي الكبير المتعالي الجبار جل جلاله

هذا والله تعالى اجل واكرم اعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

الاستماع

http://www.islamcvoice.com/mas/open.php?cat=29&book=1704

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق