80.ح مصاحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf|تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

1.فصل المرأة تتزوج بأزواج في الدنيا ثم تدخل الجنة فلمن تكون؟

باب جامع لأحكام تتعلق بالجنة وأحاديث شتى وردت فيها
قال الله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء [ الطور : 21 ] ، أي أن الله تعالي يرفع درجة الأولاد في الجنة إلى درجة الآباء ، وإن لم يعملوا بعملهم ، ولا ينقص الآباء من أعمالهم حتى يجمع بينهم في الدرجة العالية ليقر أعينهم باجتماعهم هم وذرياتهم .
قال الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ليقر بهم عينه . ثم قرأ : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) . هكذا رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم في " تفسيريهما ، عن الثوري موقوفا . وكذا رواه ابن جرير ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس موقوفا ، [ ص: 415 ] ورواه البزار في " مسنده " وابن مردويه في " تفسيره " ، من حديث قيس بن الربيع ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه سلم . ورواية الثوري وشعبة أثبت . والله أعلم .
وروى ابن أبي حاتم من حديث الليث ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في هذه الآية ، قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان ، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا .

وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا شريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك . فيقول : يا رب ، قد عملت لي [ ص: 416 ] ولهم . فيؤمر بإلحاقهم به وقرأ ابن عباس : (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان) الآية

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، في هذه الآية : والذين أدرك ذريتهم الإيمان ، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار تلحق بهم . وهذا التفسير هو أحد أقوال العلماء في معنى الذرية هنا ، أهم الصغار فقط ، أم يشمل الصغار والكبار أيضا ، لقوله : ومن ذريته داود وسليمان [ الأنعام : 84 ] ، وقال : ذرية من حملنا مع نوح [ الإسراء : 3 ] ، وقال : ذرية بعضها من بعض [ آل عمران : 34 ] ، فأطلق الذرية على الكبار ، كما أطلقها على الصغار ، وتفسير العوفي ، عن ابن عباس يشملهما ، وهو اختيار الواحدي وغيره ، وهذا كله إنما هو إلى الله عز وجل ، فإن الخير في يديه ، والخلق له والأمر له ، وهذا القول محكي عن الشعبي ، وأبي مجلز ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، وأبي صالح ، والربيع بن أنس . وهذا من فضل الله ورحمته على الأبناء ببركة عمل الآباء ، فأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء ، فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا حماد بن [ ص: 417 ] سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ، عز وجل ، ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة ، فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك " .

وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب ، ولكن له شاهد في " صحيح مسلم " ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ; صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "

دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء

[ 1591 و ] ، قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم ، وهو خمسمائة عام " . وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن عمرو . قال الترمذي : حسن صحيح .

وله طرق عن أبي هريرة ، فمن ذلك ما رواه الثوري ، عن محمد بن زيد ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فقراء المؤمنين [ ص: 418 ] يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم ، وذلك خمسمائة عام " . الحديث بطوله .

وقال أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، هو ابن شريح ، أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي ، يقول : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة - يعني إلى الجنة - بأربعين خريفا " . وكذا رواه مسلم من حديث أبي هانئ حميد بن هانئ ، به .

وقال أحمد : حدثنا حسين ، هو ابن محمد ، حدثنا داود ، هو ابن نافع ، [ ص: 419 ] عن سلم بن بشير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " التقى مؤمنان على باب الجنة ، مؤمن غني ، ومؤمن فقير ، كانا في الدنيا ، فأدخل الفقير الجنة ، وحبس الغني ، ما شاء الله أن يحبس ، ثم أدخل الجنة ، فلقيه الفقير ، فقال : يا أخي ، ماذا حبسك ؟ والله لقد احتبست حتى خفت عليك ، فيقول : أي أخي ، إني حبست بعدك محبسا فظيعا كريها ، وما وصلت إليك حتى سال مني من العرق ما لو ورده ألف بعير ، كلها أكلت حمضا لصدرت عنه رواء " .

وثبت في " الصحيحين " من حديث أبي عثمان النهدي ، عن أسامة بن زيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين ، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء " . وفي " صحيح البخاري " ، من حديث سلم بن زرير ، عن أبي رجاء ، عن عمران بن [ ص: 420 ] حصين مثله .

ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي رجاء عمران بن ملحان ، عن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " نظرت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، ونظرت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " .

وروى مسلم ، عن شيبان بن فروخ ، عن أبي الأشهب ، عن أبي رجاء ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع في النار ، فرأى أكثر أهلها النساء ، واطلع في الجنة ، فرأى أكثر أهلها الفقراء . وقال أحمد : ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن السائب بن مالك ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء " . وتقدم من حديث ابن أبي شيبة : " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة . . " . إلى آخره . وهو في الذين يحمدون الله في السراء والضراء  الجامع لأحكام الجنة [ ص: 421 ]



فصل

والجنة والنار موجودتان الآن ، فالجنة معدة للمتقين ، والنار معدة للكافرين ; كما نطق بذلك القرآن العظيم ، وتواترت بذلك الأخبار عن رسول رب العالمين ، وهذا اعتقاد أهل السنة والجماعة ، رحمهم الله أجمعين ، المتمسكين بالعروة الوثقى ، وهي السنة إلى قيام الساعة ، خلافا لمن زعم أنهما لم يخلقا بعد وإنما يخلقان يوم القيامة ، وهذا القول قاله من لم يطلع على الأحاديث المتفق على صحتها ، وإخراجها في " الصحيحين " وغيرهما من كتب الإسلام المعتمدة المشهورة بالأسانيد الصحيحة والحسنة ، مما لا يمكن دفعه ولا رده ، لتواتره واشتهاره .

قال الله تعالى : وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين [ آل عمران : 133 ] . وقال فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين [ البقرة : 24 ] . وقال : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ غافر : 46 ] . وقال : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة : 17 ] .

وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا [ ص: 422 ] خطر على قلب بشر ، دخرا ، بله ما أطلعكم عليه " .

وفي " الصحيحين " من حديث مالك عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " .

، وفي " صحيح مسلم " عن ابن مسعود قال : " أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل " . وذكر الحديث .

وروينا في " مسند الإمام أحمد بن حنبل " ، ثنا محمد بن إدريس الشافعي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ، حتى يرجعه الله تعالى إلى جسده يوم يبعثه " .

[ ص: 423 ] وتقدم الحديث المتفق على صحته من طريق أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات " .

وذكرنا الحديث المروي من طريق حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لما خلق الله تعالى الجنة قال لجبريل : اذهب فانظر إليها " . وكذلك قال في النار .

وكذلك في الحديث الآخر : لما خلق الله تعالى الجنة قال لها : تكلمي . فقالت : قد أفلح المؤمنون " .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتكت النار إلى ربها ، فقالت : يا رب ، أكل بعضي بعضا . فأذن لها بنفسين ; نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فأشد ما تجدون من الزمهرير من بردها ، وجميع ما تجدون من الحر من فيحها ، فإذا كان الحر فأبردوا عن الصلاة " .

وفي " الصحيحين " من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة - وعند مسلم عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 424 ] " تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم ؟ فقال الله تعالى للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها ، فتقول : قط قط . فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض ، ولا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فينشئ الله لها خلقا " . لفظ مسلم .

وفي " الصحيحين " عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال جهنم يلقى فيها ، وتقول : هل من مزيد . حتى يضع رب العزة فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط ، بعزتك وكرمك . ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا ، فيسكنهم فضل الجنة " .

وقد ثبت في " الصحيحين " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار ليلة أسري به .

[ ص: 425 ] فأما ما وقع في " صحيح البخاري عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه تعالى ينشئ للنار من يشاء ، فيلقى فيها ، فتقول : هل من مزيد ؟ " . فقد قال بعض الحفاظ : هذا غلط من بعض الرواة ، وكأنه اشتبه عليه ، ودخل عليه لفظ في لفظ ، فنقل هذا الحكم من أهل الجنة إلى النار .

قلت : فإن كان محفوظا فيحتمل أنه تعالى يمتحنهم في العرصات ، كما يمتحن غيرهم ممن لم تقم عليه الحجة في الدنيا ، فمن عصى منهم أدخله النار ، ومن استجاب أدخله الجنة ; لقوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [ الإسراء : 15 ] . وقال تعالى : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما [ النساء : 165 ] .

فصل

وقد ذكرنا فيما سلف صفة أهل الجنة حال دخولهم إليها ، وقدومهم عليها ، وأنهم يحول خلقهم إلى طول ستين ذراعا في عرض سبعة أذرع ، وأنهم يكونون جردا مردا مكحلين في سن أبناء ثلاث وثلاثين ، وأنهم يعربون .

قال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا صفوان بن [ ص: 426 ] صالح ، حدثني رواد بن الجراح العسقلاني ، حدثنا الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ، ستين ذراعا بذراع الملك ، على حسن يوسف ، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين ، وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، جرد مرد مكحلون " .

وروى داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لسان أهل الجنة عربي .

وقال عقيل ، عن الزهري قال : لسان أهل الجنة عربي .

وروى البيهقي من طريقين فيهما ضعف ، عن أبي كريمة المقدام بن معديكرب ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يموت سقطا ولا هرما وإنما الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاثين سنة - وفي رواية : ثلاث وثلاثين سنة - فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم ، [ ص: 427 ] وصورة يوسف ، وقلب أيوب ، مردا مكحلين ، أولي أفانين ، ومن كان من أهل النار عظموا وفخموا كالجبال " . وفي رواية : حتى يصير جلده أربعين باعا ، وحتى يصير ناب من أنيابه مثل أحد " .

وثبت أنهم يأكلون ويشربون ، ولا يبولون ، ولا يتغوطون ، إنما يكون منصرف طعامهم أنهم يعرقون ويتجشئون كرائحة المسك ، ونفسهم تسبيح وتحميد وتكبير ، وأول زمرة منهم تدخل الجنة منهم على صورة القمر ، ثم الذين يلونهم في البهاء كأضوأ كوكب دري في السماء ، وأنهم يجامعون ولا يولد لهم ، إلا من شاء منهم ، وأنهم لا يموتون ولا ينامون ، لكمال حياتهم ، وكثرة لذاتهم ، وتوالي نعيمهم ومسراتهم ، وكلما ازدادوا خلودا ازدادوا حسنا وجمالا وشبابا وقوة ، وازدادت لهم الجنة حسنا وبهاء وطيبا وضياء ، وكانوا أرغب شيء فيها وأحرص عليها ، وكانت عندهم أعز وأغلى وألذ وأحلى ، كما قال تعالى : خالدين فيها لا يبغون عنها حولا [ الكهف : 108 ] . وهذا عكس حال أهل الدنيا ، ولو كان أحدهم في ألذ عيش . [ ص: 428 ]

فصل

وأعلى الخلق في الجنة منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أول من يدخلها ، وأمته أول الأمم دخولا إليها ، وأول من يدخلها من هذه الأمة أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، وتقدم أن هذه الأمة يكونون في الجنة أكثر الأمم ، وأنهم يكونون ثلثي أهل الجنة أو شطرهم ، كما تقدم : " أهل الجنة مائة وعشرون صفا ، هذه الأمة ثمانون صفا منها " .

وفي " المسند " ، و " جامع الترمذي " ، و " سنن ابن ماجه " ، من حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : " يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم ، وهو خمسمائة عام " . وإسناده على شرط مسلم . وقال الترمذي : حسن صحيح .

وروى الطبراني من حديث الثوري ، عن محمد بن زيد ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة مرفوعا مثله .

[ ص: 429 ] وروى الترمذي من طريق الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد مرفوعا مثله ، وحسنه ، والذي رواه مسلم من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا " .

وللترمذي عن جابر بن عبد الله مرفوعا مثله ، وصححه ، وله عن أنس أيضا نحوه ، واستغربه .

قلت : فإن كان الأول محفوظا ، فيكون باعتبار دخول أول الفقراء وآخر الأغنياء ، وتكون الأربعون خريفا باعتبار دخول آخر الفقراء وأول الأغنياء . والله أعلم .

وقد روى الإمام أحمد عن إسماعيل ابن علية ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون ، كلاهما عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر العقيلي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة من أمتي ، وأول ثلاثة يدخلون النار " . [ ص: 430 ] وذكر الحديث كما تقدم قريبا .

ورواه الترمذي من طريق ابن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، وقال : حسن . ولم يذكر الثلاثة الذين هم من أهل النار .

وثبت في " صحيح مسلم " ، من حديث عياض بن حمار المجاشعي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أهل الجنة ثلاثة ، ذو سلطان مقسط متصدق موفق ، ورجل رحيم القلب بكل ذي قربى ومسلم ، وعفيف متعفف ذو عيال . وأهل النار خمسة ، الضعيف الذي لا زبر له ، الذين هم فيكم تبعا ، لا يبغون أهلا ولا مالا ، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك " . وذكر البخل والكذب ، " والشنظير الفحاش .

[ ص: 431 ] وتقدمت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء والأغنياء " .

وتقدم الحديث الوارد من طريق حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد ، عن ابن عباس مرفوعا : " أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء " .

وثبت في " الصحيحين " من حديث سفيان الثوري ، وشعبة ، عن معبد بن خالد ، عن حارثة بن وهب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر .

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا موسى بن علي بن رباح ، سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول [ ص: 432 ] الله صلى الله عليه وسلم قال : " أهل النار كل جعظري جواظ مستكبر ، جماع مناع ، وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون " .

وقال الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا أبو هلال الراسبي ، حدثنا عقبة بن أبي ثبيت الراسبي ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة من ملأ أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع ، وأهل النار من ملأ أذنيه من ثناء الناس شرا وهو يسمع " .

وكذا رواه ابن ماجه من حديث مسلم بن إبراهيم .

وقال القاضي أبو عبيد " علي بن الحسين بن حربويه ، حدثنا محمد بن صالح ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ؟ النبي في الجنة ، والصديق في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله في الجنة ، ونساؤكم من أهل الجنة العئود الودود الولود ، التي إذا غضب زوجها أو غضبت جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها ، [ ص: 433 ] ثم تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى " . وروى النسائي بعضه ، من حديث خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم يحيى بن دينار ، به .

فصل

هذه الأمة أكثر أهل الجنة ، وأعلاهم منازل ، وأول من يدخل الجنة صدرها ، كما قال تعالى في صفة المقربين : ثلة من الأولين وقليل من الآخرين [ الواقعة : 13 ، 14 ] . وقال في صفة أهل اليمين : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين [ الواقعة : 39 ، 40 ] .

وثبت في " الصحيحين " : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم . ثم يكون قوم يحبون السمن أو السمانة ، ينذرون ولا يفون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون " .

وخيار الصدر الأول الصحابة ، كما قال ابن مسعود : من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد ، أبر هذه الأمة قلوبا ، وأصدقها ألسنة ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، [ ص: 434 ] قوم اختارهم الله لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم حقهم ، واقتدوا بهم; فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .

وتقدم أن هذه الأمة يدخل منهم إلى الجنة سبعون ألفا بغير حساب .

وفي " صحيح مسلم " : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي رواية أحمد : " مع كل واحد سبعون ألفا " . وهذا ذكر أطراف الحديث ، وإشارة إلى طرقه وألفاظه .

وفي " الصحيحين " من رواية حصين بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق . فنظرت فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، ولا عذاب " . وفيه : " هم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . فقام عكاشة بن محصن . وقد تقدم هذا كله .

[ ص: 435 ] وقال هشام بن عمار خطيب دمشق ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، واللفظ له : حدثنا إسماعيل بن عياش ، أخبرني محمد بن زياد الألهاني ، سمعت أبا أمامة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعين ألفا ، لا حساب عليهم ، ولا عذاب ، وثلاث حثيات من حثيات ربي ، عز وجل " .

وكذا رواه أبو بكر بن أبي عاصم ، عن دحيم ، عن الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، وأبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي الهوزني ، عن أبي أمامة ، فذكر مثله .

وروى الطبراني ، من حديث عامر بن زيد البكالي ، عن عتبة بن عبد السلمي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . ورواه أيضا من طريق أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مثله ، ولم يذكر : " ثلاث حثيات " . وله من حديث قيس الكندي ، عن أبي سعيد الأنماري مثله ، وذكر فيه : " ثلاث حثياث " . وقد قدمنا بقية طرقه بألفاظها . والله سبحانه أعلم


بيان وجود الجنة والنار ، وأنهما مخلوقتان موجودتان ، خلافا لمن زعم خلاف ذلك

قال الله تعالى : وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين [ آل عمران : 133 ] . وقال : أعدت للذين آمنوا بالله ورسله [ الحديد : 21 ] . وقال : واتقوا النار التي أعدت للكافرين آل عمران : [ 131 ] وقال تعالى في حق آل فرعون : النار يعرضون عليها غدوا وعشيا غافر : [ 46 ] الآية . وقال : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين [ السجدة : 17 ] .

وفي " الصحيحين " ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، دخرا ، بله كل ما أطلعكم عليه " . ثم قرأ : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة : 17 ] .

وفي " الصحيحين " من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " .

[ ص: 437 ] وفي " صحيح مسلم " عن ابن مسعود : " أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى قناديل معلقة في العرش " . وذكر الحديث

وروينا في " مسند الإمام أحمد بن حنبل " ، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله ، إلى جسده يوم يبعثه " .

وتقدم الحديث المتفق على صحته ، من طريق أبي الزناد ، عن الأعرج " عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات " .

وذكرنا الحديث المروي من طريق حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لما خلق الله الجنة قال لجبريل اذهب فانظر إليها " . وكذلك قال في النار .

وكذلك الحديث الآخر : " لما خلق الله الجنة قال لها : تكلمي . فقالت : قد أفلح المؤمنون " .

وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة ، وعند مسلم عن أبي سعيد ، عن [ ص: 438 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تحاجت الجنة والنار " . الحديث .

وفيهما عن ابن عمر مرفوعا : " الحمى من فيح جهنم " .

وفيهما عن أبي ذر مرفوعا : " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم " .

وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة : " إذا جاء شهر رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين " . وقد ذكرنا في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الجنة والنار ليلتئذ ، قال الله تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى [ النجم : 13 - 15 ] . وقال في صفة سدرة المنتهى : " إنه يخرج من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان " . وذكر أن الباطنين في الجنة

وفي " الصحيحين " : " ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك " .

وفي " صحيح البخاري من حديث قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 439 ] قال : " بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك " .

وفي مناقب عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دخلت الجنة فرأيت جارية توضأ عند قصر ، فقلت : لمن أنت ؟ فقالت لعمر بن الخطاب . فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك " . فبكى عمر ، رضي الله عنه ، وقال : أوعليك أغار يا رسول الله ؟ ! والحديث في " الصحيحين " عن جابر .

وقال عليه السلام لبلال : " أدخلت الجنة فسمعت خشف نعليك أمامي ، فأخبرني بأرجى عمل عملته في الإسلام " . فقال : ما توضأت إلا وصليت ركعتين . الحديث .

وأخبر عن الرميصاء أنه رآها في الجنة . أخرجاه عن جابر .

وأخبر في يوم صلاة الكسوف أنه عرضت عليه الجنة والنار - وفي رواية : دنت منه الجنة والنار - وأنه هم أن يأخذ من الجنة قطفا من عنب ، وقال : " لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا "

[ ص: 440 ] وفي " الصحيحين " من طريق الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار " .

وقال في الحديث الآخر : " ورأيت فيها صاحب المحجن " . وقال : " دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، فلقد رأيتها تخمشها " . وأخبر عن الرجل الذي نحى غصن شوك عن طريق الناس ، قال : " فلقد رأيته يستظل به في الجنة " . وهو في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة بلفظ آخر .

وفي الصحيحين " عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " .

وفي " صحيح مسلم " من طريق المختار بن فلفل ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم [ ص: 441 ] كثيرا " . قالوا : يا رسول الله ، وما رأيت ؟ قال : " رأيت الجنة والنار " . وأخبر أن المتوضئ إذا قال بعد وضوئه : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء .

وفي " صحيح البخاري " من حديث شعبة ، عن عدي ، عن البراء بن عازب قال : لما توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن له مرضعا في الجنة " .

وقال الله تعالى : وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة [ البقرة : 35 ] . والجمهور على أن هذه الجنة جنة المأوى ، وذهب طائفة آخرون إلى أنها جنة في الأرض خلقها الله له ، ثم أخرجه منها ، وقد تقدم ذلك مبسوطا في هذا الكتاب في أوله في قصة آدم .

وقال البيهقي : حدثنا الحاكم ، حدثنا الأصم ، حدثنا حميد بن عياش الرملي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن الأصبهاني ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة " . وكذا رواه وكيع ، عن سفيان ، وهو الثوري ، والأحاديث في هذا كثيرة جدا ، وقد [ ص: 442 ] أوردنا كثيرا منها بأسانيدها ومتونها فيما تقدم
وثبت في " صحيح مسلم " ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا " . وكذا روى الترمذي ، من حديث جابر وصححه ، وأنس واستغربه ، وللترمذي من حديث أبي هريرة وصححه وأبي سعيد وحسنه : " بنصف يوم خمسمائة عام " . وقد تقدم هذا كله .

قلت : فإن كان هذا محفوظا كما صححه الترمذي ، فيحتمل أن يكون ذلك باعتبار دخول أول الفقراء وآخر الأغنياء ، وتكون الأربعون خريفا باعتبار ما بين دخول آخر الفقراء وأول الأغنياء . والله أعلم .

وقد أشار إلى ذلك القرطبي في " التذكرة ، حيث قال : وقد يكون ذلك باختلاف أحوال الفقراء والأغنياء . يشير إلى ما ذكرناه
فصل
قال الزهري : كلام أهل الجنة عربي . وقال سفيان الثوري : بلغنا أن الناس يتكلمون يوم القيامة بالسريانية ، فإذا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية
في المرأة تتزوج في الدنيا بأزواج ثم تدخل الجنة ; فلمن تكون منهم ؟ فذكر القرطبي في " التذكرة " من طريق ابن وهب عن مالك : أن أسماء بنت أبي بكر شكت زوجها الزبير إلى أبيها ، فقال : يا بنية ، اصبري ، فإن الزبير رجل صالح ، ولعله يكون زوجك في الجنة . قال : ولقد بلغني أن الرجل إذا ابتكر المرأة تزوجها في الجنة . قال أبو بكر بن العربي : هذا حديث غريب .
وقد روي عن أبي الدرداء ، وحذيفة بن اليمان أن المرأة تكون لآخر أزواجها في الدنيا .
[ ص: 444 ] وجاء أنها تكون لأحسنهم خلقا . قال أبو بكر النجاد : حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر ، حدثنا عبيد بن إسحاق العطار ، حدثنا سنان بن هارون ، عن حميد ، عن أنس ; أن أم حبيبة قالت : يا رسول الله ، المرأة يكون لها الزوجان في الدنيا فأيهما يكون في الآخرة ؟ فقال : " لأحسنهما خلقا ، كان معها في الدنيا " . ثم قال : " يا أم حبيبة ، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " . وقد روي عن أم سلمة نحو هذا .

والله أعلم . آخر الكتاب والحمد لله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق