80.ح مصاحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf|تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

2.صفة الجنة وما فيها من النعيم المقيم الدائم على الأبد ، لا يفنى ولا يضمحل ولا يبيد أبدا بل كل ما له في ازدياد وبهاء وحسن ، نسأل الله سبحانه الجنة ، ونعوذ به من النار -

صفة الجنة وما فيها من النعيم المقيم الدائم على الأبد ، 

 لا يفنى ولا يضمحل ولا يبيد أبدا بل كل ما له في ازدياد وبهاء وحسن ، نسأل الله سبحانه الجنة ، ونعوذ به من النار
قال تعالى : أكلها دائم وظلها [ الرعد : 35 ] . والمنقطع ولو بعد ألوف من السنين ليس بدائم ، وقال تعالى : إن هذا لرزقنا ما له من نفاد [ ص : 54 ] . والمنقطع ينفد ، وقال تعالى : ما عندكم ينفد وما عند الله باق [ النحل : 96 ] . فأخبر أن الدنيا وما فيها ينفد ، وما عند الله باق لا ينفد ، فلو كان له آخر لكان ينفد كما ينفد نعيم الدنيا . وقال تعالى : لهم أجر غير ممنون [ الانشقاق : 25 ] أي : غير مقطوع . قاله طائفة من المفسرين ; غير مقطوع ولا منقوص ، ومنه المنون ، وهو قطع عمر الإنسان ، وعن مجاهد : غير محسوب . وهو مثل الأول ; لأن ما ينقطع محسوب مقدر ، بخلاف ما لا نهاية له

 

ما ورد في عدد أبواب الجنة واتساعها وعظمة جناتها

قال الله تعالى : وفتحت أبوابها [ الزمر : 73 ] . وقال تعالى : مفتحة لهم الأبواب [ ص : 50 ] . وقال تعالى : والملائكة يدخلون عليهم من كل باب [ الرعد : 23

[ ص: 258 ] وقد تقدم أن المؤمنين إذا انتهوا إلى باب الجنة وجدوه مغلقا ، فيستشفعون الله ; ليفتح لهم ، بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيأتي باب الجنة ثم يقعقع حلقة الباب ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فيقول : " محمد " . فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك .

وثبت في " الصحيح " أنه أول شافع في الجنة ، وأول من يقعقع باب الجنة ، وسيأتي في الحديث : " مفتاح الجنة لا إله إلا الله " .

وروى الإمام أحمد ، ومسلم ، وأهل السنن ، من رواية عقبة بن عامر وغيره ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم رفع بصره إلى السماء فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا عبد [ ص: 259 ] الرحمن بن إسحاق ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة بابا يدعى الريان ، يقال يوم القيامة : أين الصائمون ؟ فإذا دخلوه أغلق فلم يدخل منه غيرهم " . قال بشر : فلقيت أبا حازم ، فسألته ، فحدثني به ، غير أني لحديث عبد الرحمن أحفظ .

وقال الطبراني : حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في الجنة ثمانية أبواب ؟ باب منها يسمى الريان ، لا يدخله إلا الصائمون " .

وقد رواه البخاري ، عن سعيد بن أبي مريم ، به . ورواه أيضا مسلم ، من حديث سليمان بن بلال ، عن أبي حازم سلمة بن دينار ، عن سهل ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة ، وللجنة ثمانية أبواب ، [ ص: 260 ] فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد " . فقال أبو بكر : والله يا رسول الله ، ما على أحد من ضرورة دعي ، من أيها دعي ، فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : " نعم ، وأرجو أن تكون منهم " .

وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث الزهري به ، ولهما من حديث شيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، حدثنا حريز بن عثمان ، عن شرحبيل بن شفعة قال : لقيني عتبة بن عبد السلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية ، من أيها شاء دخل " .
ورواه ابن ماجه ، عن ابن نمير أيضا .

وروى البيهقي من حديث الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبي المثنى الأملوكي ، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث ذكره في قتال المخلص والمذنب والمنافق ، قال فيه : " وللجنة ثمانية أبواب ، وإن السيف محاء للذنوب ، ولا يمحو النفاق " . الحديث بطوله .

وتقدم الحديث المتفق عليه ، من حديث أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، في حديث الشفاعة ، قال فيه : " فيقول الله : يا محمد ، أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس في سائر الأبواب . والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة وما بين عضادتي الباب كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " .

وفي " صحيح مسلم " ، عن خالد بن عمير العدوي ، أن عتبة بن غزوان خطبهم ، فقال بعد حمد الله ، والثناء عليه : أما بعد ، فإن الدنيا قد آذنت بصرم ، وولت حذاء ، وإنما بقي منها صبابة كصبابة الإناء يتصابها [ ص: 262 ] صاحبها ، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ; فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم ، فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا ، ووالله لتملأن ، أفعجبتم ؟ ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام ، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر ، حتى قرحت أشداقنا ، فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك ، فاتزرت بنصفها ، واتزر سعد بنصفها ، فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار ، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا ، وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت ، حتى يكون آخر عاقبتها ملكا ، فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا .

وفي " المسند " من حديث حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن حكيم بن معاوية ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم آخرها وأكرمها على الله ، وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما ، وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ " .

ورواه البيهقي ، من طريق علي بن عاصم ، عن سعيد الجريري ، عن حكيم بن معاوية ، به ، وقال : " مسيرة سبع سنين " .

وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا الفضل بن الصباح أبو العباس ، حدثنا معن بن عيسى ، حدثنا خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " باب أمتي التي تدخل منه الجنة عرضه مسيرة الراكب المجود ثلاثا ، ثم إنهم ليضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول " .

وقد رواه الترمذي من حديث خالد هذا ، ثم قال : وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث ، فلم يعرفه ، وقال : لخالد بن أبي بكر مناكير عن سالم
قال البيهقي : وحديث عتبة بن غزوان : " أربعين سنة " . أصح .

وروى عبد بن حميد في " مسنده " ، عن الحسن بن موسى الأشيب ، عن ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن ما بين مصراعين في الجنة لمسيرة أربعين سنة " .

فأما حديث لقيط بن عامر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن للنار سبعة [ ص: 264 ] أبواب ، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما " . وكذلك قال في بعد ما بين أبواب الجنة ، فهو حديث مشهور ، وحمله بعض العلماء على بعد ما بين الباب إلى الباب الآخر ، لا على ما بين المصراعين اللذين في باب واحد ، بل الباب يدور في طول الجدار كما يدور حول صدور البلد إلى الباب الآخر ; لئلا يعارض ما تقدم . والله أعلم .

وقد ذكر القرطبي وادعى أن للجنة ثلاثة عشر بابا ، ولكن لم يقم على ذلك دليلا قويا أكثر من أنه قال : ومما يدل على أنها أكثر من ثمانية حديث عمر : " من توضأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله " . وفي آخره قال : " فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يدخل من أيها شاء " . خرجه الترمذي وغيره . قال : وروى الآجري في كتاب " النصيحة " عن أبي هريرة مرفوعا : " إن في الجنة بابا يقال له : باب الضحى . ينادي مناد : أين الذين كانوا يداومون على صلاة الضحى ؟ هذا بابكم فادخلوا " . قال : وقال الترمذي الحكيم أبو عبد الله : أبواب الجنة منها باب محمد صلى الله عليه وسلم وهو باب التوبة ، وباب الصلاة ، وباب [ ص: 265 ] الصوم ، وباب الزكاة ، وباب الصدقة ، وباب الحج ، وباب العمرة ، وباب الجهاد ، وباب الصلة . وزاد غيره باب الكاظمين ، وباب الراضين ، والباب الأيمن الذي يدخل منه الذين لا حساب عليهم . وجعل القرطبي الباب الذي عرضه مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجود - كما وقع عند الترمذي - بابا ثالث عشر . فالله أعلم .

وقال الحسن بن عرفة : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله " .

وفي " صحيح البخاري " قال : وقيل لوهب بن منبه : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلى ، ولكن إن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح لك . يعني : لا بد أن يكون مع التوحيد أعمال صالحة من فعل الطاعات وترك المحرمات . والله أعلم .

وتقدم في حديث علي ، قال : يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ، حتى إذا انتهوا إلى أول باب من أبوابها ، وجدوا عنده شجرة . وذكر الحديث

 

 

 

تعداد محال الجنة وارتفاعها واتساعها

قال الله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 46 ، 47 ] الآيات إلى آخر السورة .

وثبت في " الصحيحين " من حديث عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " .

وروى البيهقي من حديث مؤمل بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جنتان من ذهب للسابقين ، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين " .

وقال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هلك حارثة يوم بدر ، أصابه سهم غرب ، فقالت : يا رسول الله ، قد علمت موقع حارثة من قلبي ، [ ص: 267 ] فإن كان في الجنة لم أبك عليه ، وإلا سوف ترى ما أصنع . فقال لها : " أهبلت ؟ أجنة واحدة هي ؟! إنها جنان كثيرة ، وإنه في الفردوس الأعلى " . وقال : " غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم - أو موضع قدم - من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها - يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها " .

وفي رواية ، عن قتادة أنه قال : " الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها " . وقد رواه الطبراني من حديث سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعا .

قال الله تعالى : في جنة عالية [ الغاشية : 10 ] وقال تعالى : فأولئك لهم الدرجات العلى [ طه : 75 ] . وقال تعالى : وجنة عرضها السماوات والأرض [ آل عمران : 133 ] ، وقال تعالى : وجنة عرضها كعرض السماء والأرض [ الحديد : 21 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من آمن بالله ورسوله ، وأقام الصلاة ، وصام رمضان ، فإن حقا على الله أن يدخله الجنة ، هاجر في سبيل الله ، أو جلس في أرضه التي ولد فيها " . قالوا : يا رسول الله ، أفلا نخبر الناس ؟ قال : " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله ، عز وجل ، للمجاهدين في سبيله ، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوفه عرش الرحمن ، ومنه تفجر - أو تفجر - أنهار الجنة " . شك أبو عامر .

ورواه البخاري ، عن إبراهيم بن المنذر ، عن محمد بن فليح ، عن أبيه بمعناه .

وقال الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو همام الدلال ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من صلى هؤلاء الصلوات الخمس ، وصام رمضان " - لا أدري ذكر زكاة أم لا ؟ - " كان حقا على الله أن يغفر له ، هاجر أو قعد حيث ولدته أمه " . قلت : يا رسول الله ، ألا أخرج فأوذن الناس ؟ [ ص: 269 ] فقال : " لا ، ذر الناس يعملون ، فإن الجنة مائة درجة ، بين كل درجتين منها مثل ما بين السماء والأرض ، وأعلى درجة منها الفردوس . وعليها يكون العرش ، وهي أوسط شيء في الجنة ، ومنها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .

وهكذا رواه الترمذي ، عن قتيبة وأحمد بن عبدة ، عن الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، به . وأخرجه ابن ماجه ، عن سويد ، عن حفص بن ميسرة ، عن زيد مختصرا .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام " . وقال عفان : " كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها درجة ، ومنها تخرج الأنهار الأربعة ، والعرش من فوقها ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .

ورواه الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد بن هارون ،عن همام بن يحيى ، به .

قلت : ولا تكون هذه الصفة إلا في المقبب ، فإن أعلى القبة هو أوسطها ، فالجنة - والله أعلم - كذلك .

وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شريك ، عن محمد بن جحادة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام " .

ورواه الترمذي ، عن عباس العنبري ، عن يزيد بن هارون ، فذكره ، وعنده : " ما بين كل درجتين مائة عام " . وقال : هذا حديث حسن صحيح .

وقال أبو يعلى : حدثنا زهير ، حدثنا حسن ، عن ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الجنة مائة درجة ، لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم " . ورواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن ابن لهيعة ، ورواه أحمد أيضا

 

ما يكون لأدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم ، من اتساع الملك العظيم ، والنعيم المقيم

قال الله تعالى : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [ الإنسان : 20 ] . وقد تقدم في حديث ابن مسعود ، في آخر من يدخل الجنة ، أن الله يقول له : " أما ترضى أن يكون لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها ؟ " وكذلك في غيره من الأحاديث الصحيحة .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا إسرائيل ، عن ثوير " هو ابن أبي فاختة ، عن ابن عمر ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي ينظر إلى جنانه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وإن أكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية " . ثم تلا هذه الآية : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ القيامة : 22 ، 23 ] .

وقال أيضا : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا عبد الملك بن أبجر ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سنة ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، ينظر أزواجه وخدمه ، وإن أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله تعالى كل يوم مرتين " .

ورواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن شبابة ، عن إسرائيل ، عن ثوير ، به . قال : وقد روي من غير وجه ، عن إسرائيل ، عن ثوير ، عن ابن عمر مرفوعا . قال : ورواه الثوري ، عن ثوير ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قوله . قال : ورواه عبد الملك بن أبجر ، عن ثوير ، عن ابن عمر موقوفا . كذا قال .

وقد تقدم رواية أحمد بهذه الطريق مرفوعا .

وروى مسلم والطبراني - وهذا لفظه - من حديث سفيان بن عيينة ، حدثنا مطرف بن طريف وعبد الملك بن سعيد بن أبجر ، عن الشعبي ، عن المغيرة [ ص: 273 ] بن شعبة - رفعه ابن أبجر ، ولم يرفعه مطرف - قال : " قال موسى عليه السلام : يا رب ، أخبرني عن أدنى أهل الجنة منزلة . قال : نعم ، هو رجل يجيء بعد ما نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول : يا رب ، وكيف أدخلها ، وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقول : أما ترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب . فيقول : إن لك مثله ومثله - وعقد سفيان أصابعه الخمس - فيقول : رضيت رب . فيقول : إن لك هذا وما اشتهت نفسك ، ولذت عينك . فيقول : رضيت رب . قال موسى : يا رب ، فأخبرني عن أعلى أهل الجنة منزلة . قال : نعم ، أولئك الذين أردت ، وسأخبرك عنهم ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر " . ومصداق ذلك في كتاب الله : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة : 17 ] .

وثبت في " الصحيحين " - واللفظ لمسلم - من حديث الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " . مصداق ذلك في [ ص: 274 ] كتاب الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو صخر ، أن أبا حازم حدثه قال : سمعت سهل بن سعد يقول : شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهى ، ثم قال في آخر حديثه : " فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " . ثم قرأ هذه الآية : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة : 16 ، 17 ] . ورواه مسلم ، عن هارون بن معروف

 

 

غرف الجنة وارتفاعها وعظمها ، نسأل الله من فضله المبسوط على خلقه في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد [ الزمر : 20 ] . وقال تعالى وهم في الغرفات آمنون [ سبأ : 37 ] وقال والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين [ ص: 275 ] [ العنكبوت : 58 ] . وقال : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما [ الفرقان : 75 ] .

وثبت في " الصحيحين " - واللفظ لمسلم - من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب ; لتفاضل ما بينهم " . قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " .

وفي " الصحيحين " أيضا من حديث أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تتراءون الكوكب في أفق السماء " .

وقال أحمد : حدثنا فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال - يعني ابن علي - عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون في [ ص: 276 ] الجنة كما تراءون - أو ترون - الكوكب الدري الغابر في الأفق ، الطالع ، في تفاضل الدرجات " . قالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " . قال الحافظ الضياء : وهذا على شرط البخاري .

وقال أحمد : حدثنا علي بن عياش ، حدثنا محمد بن مطرف ، حدثنا أبو حازم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي ، فيقال : من هؤلاء ؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في الله ، عز وجل " .

وفي حديث عطية ، عن أبي سعيد مرفوعا : " إن أهل عليين ليراهم من سواهم كما ترون الكوكب في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما "

 

 

أعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة ; مقام الرسول صلى الله عليه وسلم

ثبت في " صحيح البخاري " ، عن علي بن عياش ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة " .

وفي " صحيح مسلم " عن محمد بن سلمة ، عن ابن وهب ، عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب ، عن كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الوسيلة حلت له الشفاعة " .

[ ص: 278 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن ليث ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا صليتم علي ، فاسألوا الله لي الوسيلة " . قيل : يا رسول الله ، وما الوسيلة ؟ قال : " أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد ، وأرجو أن أكون أنا هو " .

وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان ، سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة ، فاسألوا الله أن يؤتيني الوسيلة " .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا الوليد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا موسى بن أعين ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلوا الله لي الوسيلة ، فإنه لم يسألها لي عبد في الدنيا إلا كنت له شفيعا - أو شهيدا - يوم القيامة " . قال الطبراني : لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا موسى بن أعين

 

 

 

بنيان الجنة ومم قصورها

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر وأبو كامل ، قالا : حدثنا زهير ، حدثنا سعد ; أبو مجاهد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - سمع أبا هريرة يقول : قلنا : يا رسول الله ، إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا ، وشممنا النساء والأولاد . فقال : " لو تكونون - أو قال : لو أنكم تكونون - على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم ، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " . قال : قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال : " لبنة فضة ولبنة ذهب ، وملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم لا يبأس ، ويخلد لا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه " . رواه الترمذي من حديث عبد الله بن نمير ، عن سعدان القبي - وكان ثقة - عن سعد ; أبي مجاهد الطائي - وكان ثقة - به ، وقال : حسن .

ووقع توثيق هذين الرجلين في رواية ابن ماجه ، وهما من رجال البخاري .

وقال ابن أبى الدنيا : حدثنا محمد بن المثنى البزار ، حدثنا محمد بن زياد [ ص: 280 ] الكلبي ، حدثنا بشر بن حسين ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ ، وحشيشها الزعفران ، ثم قال لها : انطقي . فقالت : قد أفلح المؤمنون . فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [ الحشر : 9 ] .

وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا القاسم بن المغيرة الجوهري ، حدثنا عثمان بن سعيد المري ، حدثنا علي بن صالح ، عن أبي ربيعة ، يعني عمر بن ربيعة ، عن الحسن ، عن ابن عمر ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة ، فقال : " من يدخل الجنة يحيا لا يموت ، وينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه " . قيل : يا رسول الله ، كيف بناؤها ؟ [ ص: 281 ] قال : لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها مسك أذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران " .

وقال البزار : حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا يونس بن عبيد الله العمري ، حدثنا عدي بن الفضل ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله الجنة لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها المسك ، فقال لها : تكلمي . فقالت : قد أفلح المؤمنون . فقالت الملائكة : طوباك منزل الملوك " .

وقد رواه البيهقي ، وعنده : " فقال الله : طوبى لك منزل الملوك " . وقد رواه وهيب ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مرفوعا .

وفي حديث داود بن أبي هند ، عن أنس مرفوعا : " إن الله بنى الفردوس بيده ، وحظرها على كل مشرك وعلى كل مدمن خمر سكير " .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا علي بن صالح ، عن عمر بن ربيعة ، عن الحسن ، عن ابن عمر ، قال : قيل : يا رسول [ ص: 282 ] الله ، كيف بناء الجنة ؟ قال : " لبنة من فضة ، ولبنة من ذهب ، ملاطها مسك أذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران " .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو اليمان ، الحكم بن نافع ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن مهاجر بن ميمون ، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : أين أمنا خديجة ؟ قال : " في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب ، بين مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون " . قالت : أمن هذا القصب ؟ قال : " لا ، من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت " . قال الطبراني : لا يروى عن فاطمة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به صفوان بن عمرو .

قلت : وهو حديث غريب ، ولأوله شاهد في " الصحيح " : " إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب " .

قال بعض العلماء : إنما كان بيتها من قصب اللؤلؤ ، لأنها حازت قصب السبق في التصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الله ، عز وجل ، كما يدل عليه حديث أول البعثة ، أنها أول من آمن ; حيث قالت لما أخبرها بما رأى ، وقال : " لقد خشيت على نفسي ، قالت : كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتعين على [ ص: 283 ] نوائب الدهر . وأما ذكر مريم وآسية في هذا الحديث ففيه إشعار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج بهما في الدار الآخرة ، وقد حاول بعضهم أن يأخذ ذلك من القرآن ، من قوله في سورة " التحريم " : ثيبات وأبكارا [ التحريم : 5 ] . ثم ذكرت آسية ومريم في آخر السورة . يروى مثل هذا عن البراء بن عازب ، أو غيره من السلف . والله أعلم .

وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا علي بن المنذر الطريقي ، حدثنا . ابن فضيل ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها " . فقام أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، لمن هي ؟ فقال : " لمن طيب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام " . ورواه الترمذي عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، وقال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديثه .

وروى الطبراني من حديث الوليد بن مسلم ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، حدثني أبو سلام ، حدثني أبو معانق الأشعري ، حدثني أبو [ ص: 284 ] مالك الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام " .

وروى الطبراني أيضا ، من حديث ابن وهب ، حدثني حيي ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها " . قال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام " . قال الحافظ الضياء ؟ هذا عندي إسناد حسن .

قلت : وقد رواه الإمام أحمد ، عن حسن ، عن ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله المعافري فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : فقال أبو موسى الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ فذكره ، والله أعلم .

وقد ورد في بعض الأحاديث أن القصر يكون من لؤلؤة واحدة ; أبوابه ومصاريعه وسقفه .

وفي حديث آخر : أن بعض سقوف الجنة نور يتلألأ كالبرق اللامع ، لولا [ ص: 285 ] أن الله ثبت أبصارهم لأوشك أن يخطفها .

وقال البيهقي : حدثنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن ، سمعت محمد بن واسع يذكر عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أحدثكم بغرف الجنة ؟ " قال : قلنا : بلى ، يا رسول الله ، بأبينا أنت وأمنا . قال : " إن في الجنة غرفا من أصناف الجوهر كله ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، فيها من النعيم واللذات والشرف ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت " . قال : قلت : يا رسول الله ، ولمن هذه الغرف ؟ قال : " لمن أفشى السلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام " . قال : قلنا ؟ يا رسول الله ، ومن يطيق ذلك ؟ قال : " أمتي تطيق ذلك ، وسأخبركم عن ذلك ، من لقي أخاه فسلم عليه أو رد عليه ، فقد أفشى السلام ، ومن أطعم أهله وعياله حتى يشبعهم فقد أطعم الطعام ، ومن صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام ، ومن صلى العشاء الآخرة وصلى الغداة في جماعة فقد صلى بالليل والناس نيام ، اليهود والنصارى والمجوس " .

[ ص: 286 ] ثم قال البيهقي : وهذا الإسناد غير قوي ، إلا أنه بالإسنادين الأولين يقوي بعضه بعضا . والله أعلم . قال : وروي بإسناد آخر عن جابر .

ثم أورده من طريق علي بن حرب ، عن حفص بن عمر عن عمرو بن قيس الملائي ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعا ، بنحوه .

وروى البيهقي ، من حديث جسر بن فرقد ، عن الحسن البصري ، عن عمران بن حصين وأبي هريرة قالا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ومساكن طيبة في جنات عدن [ التوبة : 72 ] . قال : " قصر من لؤلؤة ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون ، على كل فراش زوجة من الحور العين ، في كل بيت سبعون مائدة ، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام ، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة ، ويعطى المؤمن في كل غداة من القوة ما يأتي على ذلك كله أجمع " .

قلت : وهذا الحديث غريب ، بل الأشبه أنه موضوع ، وإذا كان الخبر ضعيفا لم يمكن اتصاله ، فإن جسرا هذا ضعيف جدا ، والله سبحانه أعلم .

[ ص: 287 ] وقال ابن وهب : حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليجاء للرجل الواحد بالقصر من اللؤلؤة الواحدة ، في ذلك القصر سبعون غرفة ، في كل غرفة زوجة من الحور العين ، في كل غرفة سبعون بابا ، يدخل عليه من كل باب رائحة من رائحة الجنة ، سوى الرائحة التي تدخل عليه من الباب الآخر " . ثم قرأ قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين الآية [ السجدة : 17 ] .

وذكر القرطبي من طريق أبي هدبة إبراهيم بن هدبة - وهو ذو نسخة مكذوبة - عن أنس بن مالك مرفوعا : " إن في الجنة غرفا ليس فيها معاليق من فوقها ، ولا عماد من تحتها " . قيل : يا رسول الله ، وكيف يدخلها أهلها ؟ قال : " يدخلونها أشباه الطير " . قيل : يا رسول الله ، لمن هي ؟ قال : " لأهل الأسقام والأوجاع والبلوى "

 

 

الخيام في الجنة

قال تعالى : حور مقصورات في الخيام [ الرحمن : 72 ] .

وثبت في " الصحيحين " - واللفظ لمسلم - من حديث أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال : قال رسول الله [ ص: 288 ] صلى الله عليه وسلم : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا " . وفي رواية للبخاري : " ثلاثون ميلا " ، وصحح " ستون ميلا " .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا منصور ، حدثنا يوسف بن الصباح ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس حور مقصورات في الخيام قال : الخيمة من درة مجوفة ، طولها فرسخ ، وعرضها فرسخ ، ولها ألف باب من ذهب ، حوله سرادق ، دوره خمسون فرسخا ، يدخل عليه من كل باب ملك بهدية من عند الله عز وجل ، وذلك قوله تعالى : والملائكة يدخلون عليهم من كل باب [ الرعد : 23 ] .

وقال ابن المبارك : حدثنا همام ، ( عن قتادة ) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الخيمة درة مجوفة ، فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب .

وقال قتادة ، عن خليد العصري ، عن أبي الدرداء قال : الخيمة لؤلؤة واحدة ، لها سبعون بابا ، كلها من در

 

ذكر تربة الجنة

ثبت في " الصحيحين " من حديث الزهري ، عن أنس بن مالك ، عن أبي ذر - في حديث المعراج - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدخلت الجنة ، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا حماد ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة الجنة ، فقال : درمكة بيضاء ، مسك خالص . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق " . هكذا رواه الإمام أحمد .

ورواه مسلم ، من حديث أبي مسلمة ، عن أبي نضرة ، بنحوه .

وقد رواه مسلم أيضا ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال : " درمكة بيضاء ، مسك خالص " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن مجالد ، [ ص: 290 ] عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود : " إني سائلهم عن تربة الجنة ، وهي درمكة بيضاء " . فسألهم ، فقالوا : هي خبزة يا أبا القاسم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخبزة من الدرمك " .

وتقدم في حديث أبي هريرة وابن عمر وغيرهما ، في بنيان الجنة ، أن ملاطها المسك ، وحصباءها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران . والملاط في اللغة عبارة عن الطين الذي يجعل بين الحجرين بين سافي البناء ، يملط به الحائط ، ولعل بعض بقاعها مسك ، وبعضها زعفران ; طرائق طرائق . وهي مع هذه العظمة والاتساع كلها كذلك ، والله سبحانه أعلم .

وقد تقدم في " صحيح البخاري " ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ولقاب قوس أحدكم ، أو موضع قدمه خير من الدنيا وما فيها " .

وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقيد سوط أحدكم من الجنة خير مما بين السماء والأرض " . إسناده على شرط الشيخين .

وقال ابن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، أن سليمان بن حميد ، حدثه أن عامر بن سعد بن أبي وقاص - قال سليمان : لا أعلم إلا أنه حدثني عن أبيه - [ ص: 291 ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لو أن ما أقل ظفر من الجنة برز إلى الدنيا لتزخرف له ما بين السماء والأرض "

 

أنهار الجنة وأشجارها وثمارها قال الله تعالى : تجري من تحتهم الأنهار [ الكهف : 31 ] . وقال تعالى : تجري من تحتها الأنهار [ البينة : 8 ] . وقال تعالى : مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم [ محمد : 15 ] وقال تعالى : مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار [ الرعد : 35 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا الجريري ، عن حكيم بن معاوية أبي بهز ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " في الجنة بحر اللبن ، وبحر الماء ، وبحر العسل ، وبحر الخمر ، ثم تشقق الأنهار منها بعد " .

ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن يزيد بن هارون به ، وقال : حسن صحيح .


ورواه ابن أبي الدنيا ، عن أبي خيثمة ، عن يزيد بن هارون ، به .

وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة الإيادي ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه الأنهار تشخب في جنة عدن في جوبة ، ثم تصدع بعد أنهارا " .

وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي محمد يحيى ، حدثنا مهدي بن حكيم ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرني الجريري ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض ، لا والله ، إنها لسائحة على وجه الأرض ، حافتاها قباب اللؤلؤ ، وطينها المسك الأذفر " . قيل : يا رسول [ ص: 293 ] الله ، وما الأذفر ؟ قال : " الذي لا خلط له " .

وقد رواه ابن أبي الدنيا ، عن يعقوب بن عبيد ، عن يزيد بن هارون به موقوفا .

وروى البيهقي ، عن الحاكم وغيره ، عن الأصم ، عن الربيع بن سليمان ، عن أسد بن موسى ، عن ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا ، ومن سره أن يكسوه الله الحرير في الآخرة ، فليتركه في الدنيا . أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو جبال - المسك ، ولو كان أدنى أهل الجنة حلية عدلت بحلية أهل الدنيا جميعا ، لكان ما يحليه الله عز وجل به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا " .

وروى من طريق أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك . قلت : وهذا الموقوف أصح

 

 

 

صفة الكوثر ، وهو أشهر أنهار الجنة سقانا الله منه بمنه وكرمه

قال الله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر [ الكوثر : 1 - 3 ] .

وثبت في صحيح مسلم " من حديث محمد بن فضيل وعلي بن مسهر ، كلاهما عن المختار بن فلفل ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت عليه هذه السورة قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هو نهر وعدنيه ربي ، عز وجل ، عليه خير كثير " .

وفي " الصحيحين " من حديث شيبان ، عن قتادة ، عن أنس ، في حديث المعراج ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله ، عز وجل " .

ورواه أحمد ، عن ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس به . وفي رواية : " فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء ، فإذا مسك أذفر " .

[ ص: 295 ] ولهذا الحديث طرق كثيرة عن أنس وغيره من الصحابة ، وألفاظ متعددة . فقال أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكوثر نهر في الجنة وعدنيه ربي عز وجل " .

ورواه مسلم ، عن أبي كريب ، عن ابن فضيل به .

وقال أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري على وجه الأرض ، حافتاه قباب اللؤلؤ ، ليس مشقوقا ، فضربت بيدي إلى تربته ، فإذا مسكة ذفرة ، وإذا حصباؤه اللؤلؤ " .

وقال أحمد : حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، أخبرنا إبراهيم بن سعد ، حدثني محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : " هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ترابه مسك ، ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل ، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر " . قال : فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنها لناعمة . فقال : [ ص: 296 ] " آكلها أنعم منها " .

وقال الحاكم : أنبأنا الأصم ، حدثنا إبراهيم بن منقذ ، حدثنا إدريس بن يحيى ، حدثني الفضل بن المختار ، عن عبيد الله بن موهب ، عن عصمة بن مالك الخطمي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة طيرا أمثال البخاتي " . فقال أبو بكر : إنها لناعمة يا رسول الله . فقال : " أنعم منها من يأكلها ، وأنت ممن يأكلها يا أبا بكر " .

ثم رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة مرسلا .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا ليث ، عن يزيد ، يعني ابن الهاد ، عن عبد الوهاب بن أبي بكر ، عن عبد الله بن مسلم ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر ، فقال : " نهر أعطانيه ربي ، عز وجل ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وفيه طير كأعناق الجزر " . فقال عمر : يا رسول الله ، إن تلك الطير ناعمة . فقال : " آكلها أنعم منها يا عمر " .

وكذلك رواه الدراوردي ، عن ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس به

 

 

رواية ابن عمر

قال أحمد : حدثنا علي بن حفص ، أخبرنا ورقاء ، قال : وقال عطاء ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، والماء يجري على اللؤلؤ ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " .

وقد رواه إسماعيل ابن علية ، ومحمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن محارب ، عن ابن عمر مرفوعا : " الكوثر نهر الجنة حافتاه الذهب ، مجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وأشد بياضا من الثلج وفي رواية : " أشد بياضا من اللبن " - وأحلى من العسل ، وألين من الزبد " .

وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، من حديث محمد بن فضيل وقال الترمذي : حسن صحيح

 

رواية ابن عباس

قال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : إن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة . فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه وقد روى ابن جرير ، عن أبي كريب ، حدثنا عمر بن عبيد ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج ، وأحلى من العسل . وكذا روى العوفي ، عن ابن عباس

 

 

رواية عائشة رضي الله عنها

قال البخاري حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عائشة ، رضي الله عنها . قال : سألتها عن قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر . قالت :
نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه [ ص: 299 ] عليه در مجوف ، آنيته كعدد النجوم . ثم قال البخاري : وقد رواه زكرياء ، وأبو الأحوص ، ومطرف ، عن أبي إسحاق .

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين : حدثنا أبو جعفر الرازي ، حدثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد إنا أعطيناك الكوثر . قال : الخير الكثير . وقال أنس بن مالك : نهر في الجنة . وقالت عائشة : هو نهر في الجنة ليس أحد يدخل إصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر .

وروى ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن أبي جعفر الرازي ، عن ابن أبي نجيح " عن عائشة ، قالت : من أحب أن يسمع
خرير الكوثر ، فليجعل إصبعيه في أذنيه . وهذا منقطع . وقد رواه بعضهم عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عن رجل ، عنها . قال السهيلي : وقد رواه الدارقطني ، من طريق مالك بن مغول ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . ومعنى هذا : من أحب أن يسمع خرير الكوثر ، أي نظيره ، وما يشبهه ، لا أنه يسمعه بعينه ، بل شبهت دويه كدوي ما يسمع الإنسان إذا وضع إصبعيه في أذنيه ، والله أعلم أي شيء أرادت

 

 

نهر البيذخ في الجنة

قال أحمد : حدثنا بهز ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة ، فربما قال : " هل رأى أحد منكم رؤيا " قال : فإذا رأى الرجل رؤيا سأل عنه ، فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه . قال : فجاءت امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني دخلت الجنة ، فسمعت وجبة ارتجت لها الجنة ، فنظرت فإذا قد جيء بفلان ابن فلان وفلان ابن فلان . حتى عدت اثني عشر رجلا - وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك - قالت : فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم . قالت : فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيذخ - أو قال : إلى نهر البيدح - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر .

قالت : ثم أتوا بكراسي من ذهب ، فقعدوا عليها ، فأتي بصحفة - أو كلمة نحوها - فيها بسرة ، فأكلوا منها ، فما يقلبونها لشق إلا أكلوا من فاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . قال : فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : يا رسول الله ، كان من أمرنا كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان . حتى عد الاثني عشر الذين عدتهم المرأة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالمرأة " . فجاءت ، فقال :
[ ص: 301 ] " قصي على هذا رؤياك " . فقصت ، فقال : هو كما قالت يا رسول الله
.

 

 

نهر بارق على باب الجنة

قال أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، عن الحارث بن فضيل الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشهداء على بارق ; نهر على باب الجنة ، في قبة خضراء ، يخرج إليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا "

 

ما في الدنيا من أنهار الجنة

في حديث الإسراء ، في ذكر سدرة المنتهى ، قال : " فإذا يخرج من أصلها نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فالباطنان في الجنة ، والظاهران النيل والفرات عنصرهما " .

وفي " مسند أحمد " و " صحيح مسلم " ، واللفظ له ، من حديث [ ص: 302 ] عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيحان وجيحان والفرات والنيل ، كل من أنهار الجنة " .

وروى الحافظ الضياء من طريق عثمان بن سعيد ، عن سعيد بن سابق ، عن مسلمة بن علي الخشني ، عن مقاتل بن حيان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنزل الله من الجنة خمسة أنهار : سيحون ، وهو نهر الهند ، وجيحون ، وهو نهر بلخ ، ودجلة والفرات ، وهما نهرا العراق ، والنيل ، وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة ، من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل ، فاستودعها الجبال ، وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس ، من أصناف معايشهم ، فذلك قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض [ المؤمنون : 18 ] . فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل ، فرفع من الأرض القرآن ، والعلم كله ، والحجر الأسود من ركن البيت ، ومقام إبراهيم ، وتابوت موسى بما فيه ، وهذه الأنهار الخمسة ، فرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك قوله : وإنا على ذهاب به لقادرون [ المؤمنون : 18 ] . فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض ، فقد حرم أهلها خير الدنيا والآخرة " . وهذا حديث غريب جدا ، بل منكر ، ومسلمة بن علي ضعيف الحديث عند الأئمة .

[ ص: 303 ] وقد وصف الله سبحانه عيون الجنة بكثرة الجريان ، وأن أهل الجنة حيث شاءوا فجروها ، أي استنبطوها ، وفي أي المحال أحبوا نبعت لهم العيون بفنون المشارب والمياه ، وقد قال ابن مسعود : ما في الجنة عين إلا تنبع من تحت جبل من مسك .

وروى الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، أنه قال : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .

وقد جاء هذا في حديث مرفوع ، رواه الحاكم في " مستدركه " ، فقال : أنبأنا الأصم ، أنبأنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يسقيه الله من الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا ، ومن سره أن يكسوه الله الحرير في الآخرة فليتركه في الدنيا ، أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو جبال - المسك ، ولو كان أدنى أهل الجنة حلية عدلت بحلية أهل الدنيا جميعا ، لكان ما يحليه الله تعالى به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا "

 

 

أشجار الجنة

قال الله تعالى : وندخلهم ظلا ظليلا [ النساء : 57 ] . وقال تعالى : ذواتا أفنان [ الرحمن : 48 ] . والأفنان : الأغصان ، وقال : مدهامتان [ ص: 304 ] [ الرحمن : 64 ] . أي من كثرة ريهما ، واشتباك أشجارهما . وقال تعالى : وجنى الجنتين دان [ الرحمن : 54 ] . أي قريب من التناول ، وهم على فرشهم . كما قال : ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [ الإنسان : 14 ] . وقال : قطوفها دانية [ الحاقة : 23 ] . وقال : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة الواقعة : [ 27 - 33 ] . وقال : فيهما فاكهة ونخل ورمان [ الرحمن : 68 ] . وقال : فيهما من كل فاكهة زوجان [ الرحمن : 52 ] .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب " .

وكذا رواه الترمذي ، عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الكندي الأشج ، وقال : حسن صحيح .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر ، وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال [ ص: 305 ] والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق ، قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام في كل نواحيها . قال : فيخرج إليها أهل الجنة ، أهل الغرف وغيرهم ، فيتحدثون في ظلها ، فيشتهي بعضهم ، ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله تعالى ريحا من الجنة ، فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا .

وثبت في " الصحيحين " من رواية وهيب ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " . قال : فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزرقي ، فقال : حدثني أبو سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها " .

[ ص: 306 ] وفي " صحيح البخاري " ، من حديث سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : وظل ممدود [ الواقعة : 30 ] . قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

وقال أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " . اقرءوا إن شئتم : وظل ممدود . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقاب قوس أو سوط في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب " .

ورواه البخاري ، عن محمد بن سنان ، عن فليح .

ولمسلم من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها " .

[ ص: 307 ] طريق أخرى عن أبي هريرة : قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، وإن ورقها ليخمر الجنة " .

طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا ليث بن سعد ، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " .

طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن حماد ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها "

 

 

 

 

شجرة الخلد

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج ، قالا : حدثنا شعبة ، سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن في [ ص: 308 ] الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين - أو مائة - سنة هي شجرة الخلد "

 

شجرة طوبى

قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، حدثنا هشام بن يوسف ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر بن زيد البكالي ، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض ، وذكر الجنة ، فقال الأعرابي : فيها فاكهة ؟ قال : " نعم ، وفيها شجرة تدعى طوبى " . فذكر شيئا لا أدري ما هو ، قال : أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال : " ليست تشبه شيئا من شجر أرضك " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتيت الشام ؟ " قال : لا . قال : " تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ، وينفرش أعلاها " . قال : ما عظم أصلها ؟ قال : " لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها ، حتى تنكسر ترقوتها هرما " . قال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع يطير ، ولا يفتر " . قال : فما عظم الحبة ؟ قال : " هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما ؟ " قال : نعم . قال : " فسلخ إهابه فأعطاه أمك ، قال : اتخذي لنا منه دلوا ؟ " قال : نعم . قال الأعرابي : فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي ؟ قال : " نعم ، وعامة عشيرتك " .

وقال حرملة ، عن عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو ، أن دراجا حدثه أن أبا الهيثم حدثه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك . قال : " طوبى لمن رآني وآمن بي " وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " . قال رجل : يا رسول الله ، وما طوبى ؟ قال : " شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها "

 

سدرة المنتهى

قال تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم : 13 - 18 ] . وذكرنا في " التفسير " أنه غشيها نور الرب ، جل جلاله ، وأنه غشيتها الملائكة مثل الغربان ، يعني كثرة ، وأنه غشيها فراش من ذهب ، وغشيتها ألوان متعددة ; كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فغشيها ألوان لا أدري ما هي " ، " ما يستطيع أحد أن ينعتها " .

وفي " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث المعراج : " ثم رفعت لي سدرة المنتهى في السماء السابعة ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان [ ص: 310 ] الفيلة ، وإذا يخرج من ساقها نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، فقلت : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : أما الباطنان ففي الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات " .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى ، فقال : " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة " . أو قال : " يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال " .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن الله تعالى لينفعنا بالأعراب ومسائلهم . قال : أقبل أعرابي يوما ، فقال : يا رسول الله ، ذكر الله تعالى في الجنة شجرة مؤذية ، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما هي ؟ " قال : السدر ، فإن له شوكا مؤذيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله تعالى يقول : في سدر مخضود [ الواقعة : 28 ] خضد الله تعالى شوكه ، فجعل مكان كل شوكة ثمرة ، فإنها [ ص: 311 ] لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام ، ما فيه لون يشبه الآخر " .

وقد روي هذا الحديث من وجه آخر بلفظ آخر ; فقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا ثور بن يزيد ، حدثنا حبيب بن عبيد ، عن عتبة بن عبد السلمي قال : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها - يعني الطلح - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خضد شوكه فجعل الله مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود ، فيها سبعون لونا من الطعام ، لا يشبه لون آخر " . الملبود هو الذي قد تلبد صوفه بعضه على بعض

 

 

 

( غراس الجنة )

روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد ، أقرئ أمتك مني السلام ، [ ص: 312 ] وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " . ثم قال : حسن غريب ، وفي الباب عن أبي أيوب .

وقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه وهو يغرس غرسا ، فقال : " ألا أدلك على غراس خير من هذا ؟ سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إله الله ، والله أكبر ، يغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة " .

وروى الترمذي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : سبحان الله العظيم وبحمده . غرست له نخلة في الجنة " . ثم قال : هذا حديث حسن صحيح غريب

 

 

ثمار الجنة

قال الله تعالى : فيها فاكهة ونخل ورمان [ الرحمن : 68 ] . وقال : فيهما من كل فاكهة زوجان [ الرحمن : 52 ] . وقال : وجنى الجنتين دان [ الرحمن : 54 ] . أي : قريب من المتناول ، كما قال : وذللت قطوفها تذليلا [ الإنسان : 14 ] ، وقال : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة [ ص: 313 ] [ الواقعة : 27 - 33 ] . أي : لا تنقطع أبدا في زمن من الأزمان ، بل هي موجودة في كل أوان وزمان ، كما قال تعالى : أكلها دائم وظلها [ الرعد : 35 ] . أي : لا يسقط ورق أشجارها ، أي : ليست كالدنيا التي تأتي ثمارها في بعض الأزمان دون بعض ، ويسقط أوراق أشجارها في بعض الفصول ، وتفقد ثمارها في وقت آخر ، وتكتسي أشجارها الأوراق في وقت وتعرى في آخر ، بل الثمر والظل دائم مستمر ، سهل التناول ، قريب المجتنى ، كما قال : ولا ممنوعة . أي : لا تمتنع ممن أرادها كيف شاء ، وليس دونها حجاب ولا ماء ، بل من أرادها فهي موجودة سهلة قريبة ، حتى ولو كانت الثمرة في أعلى الشجرة فأرادها المؤمن ; تدلت إليه حتى يأخذها ، واقتربت منه ، وتذللت لديه .

قال أبو إسحاق ، عن البراء : وذللت قطوفها . أي : أدنيت حتى يتناولها المؤمن وهو نائم . وقال تعالى : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها [ البقرة : 25 ] . وقال تعالى : وفواكه مما يشتهون [ المرسلات : 42 ] . وقال : يدعون فيها بكل فاكهة آمنين [ الدخان : 55 ] .

وقد سبق فيما أوردناه من الأحاديث أن تربة الجنة مسك وزعفران ، وأن ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب ، فإذا كانت التربة بهذه المثابة ، [ ص: 314 ] والأصول الثابتة فيها من الذهب ، فما الظن بما يتولد بينهما من الثمار الرائقة النضيجة الأنيقة ، التي ليس فيها عجم ، وليس في الدنيا منها إلا الأسماء ، كما قال ابن عباس ، رضي الله عنه : ليس في الدنيا من الجنة إلا الأسماء . وإذا كان السدر الذي في الدنيا ، وهو لا يثمر إلا ثمرة ضعيفة ، وهى النبق ، وفيه شوك كثير والطلح الذي لا يراد منه إلا الظل في الدنيا ، يكونان في الجنة في غاية كثرة الثمار وحسنها ، حتى إن الثمرة الواحدة منها تتفتق عن سبعين نوعا من الطعوم والألوان ، التي لا يشبه بعضها بعضا - فما الظن بثمار الأشجار التي تكون في الدنيا حسنة الثمار ، طيبة الرائحة ، سهلة التناول ; كالتفاح والمشمش والدراقن والنخل والعنب وغير ذلك; بل ما الظن بأنواع الرياحين والأزاهير! وبالجملة : فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، نسأل الله من فضله .

وفي " الصحيحين " من حديث مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس في حديث صلاة الكسوف ، قالوا : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت . فقال : " إني رأيت - أو : أريت - الجنة ، فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .

[ ص: 315 ] وفي " المسند " من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، فقال : " إنه عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة ، فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم به ، فحيل بيني وبينه ، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض ، لا ينقصونه " .

وفي " صحيح مسلم " من رواية أبي الزبير ، عن جابر شاهد لذلك ، وتقدم في " المسند " عن عتبة بن عبد السلمي ، أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع يطير ، ولا يفتر " .

وقال الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عباد بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى " . قال الحافظ الضياء : عباد تكلم فيه بعض العلماء .

وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا عقبة بن مكرم [ ص: 316 ] العمي ، حدثنا ربعي بن إبراهيم ابن علية ، حدثنا عوف ، عن قسامة بن زهير ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أهبط الله آدم من الجنة علمه صنعة كل شيء ، وزوده من ثمار الجنة ; فثماركم هذه من ثمار الجنة ، غير أنها تغير ، وتلك لا تغير "

 

 

( في طير الجنة )

قال الله تعالى : وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون [ الواقعة : 20 ، 21 ] .

قال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه ، فيخر بين يديك مشويا " .

وفي الترمذي ، وحسنه ، عن أنس ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : " نهر أعطانيه ربي ، عز وجل ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر " . وقد تقدم . [ ص: 317 ] وفي " تفسير الثعلبي " ، عن أبي الدرداء مرفوعا : " إن في الجنة طيرا كأعناق البخت ، تصطف بين يدي ولي الله ، فيقول أحدها : يا ولي الله ، رعيت في مروج تحت العرش ، وشربت من عيون التسنيم ، فكل مني . فلا يزال يفتخر بين يديه ، حتى يخطر على قلبه أكل أحدها ، فتخر بين يديه على ألوان مختلفة ، فيأكل منها ما أراد ، فإذا شبع منها تجتمع عظام ذلك الطائر ، الذي أكله ، ثم يطير يرعى في الجنة حيث شاء " . فقال عمر : يا نبي الله ، إنها لناعمة . فقال : " آكلها أنعم منها " . غريب من رواية أبي الدرداء ، والله أعلم

 

 

ر طعام أهل الجنة ، وأكلهم فيها وشربهم نسأل الله من فضله

قال الله تعالى : كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية [ الحاقة : 24 ] . وقال : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا [ مريم : 62 ] . وقال تعالى : أكلها دائم وظلها [ الرعد : 35 ] . وقال : وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون [ الواقعة : 20 ، 21 ] . وقال [ ص: 318 ] تعالى : يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون [ الزخرف : 71 ] ، وقال تعالى : إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا [ الإنسان : 5 ، 6 ] . وقال تعالى : ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا [ الإنسان : 15 ، 16 ] . أي : في صفاء الزجاج ، وهي من فضة ، وهذا ما لا نظير له في الدنيا ، وهي مقدرة على قدر كفاية ولي الله في مشربه لا تزيد ولا تنقص ، وهذا يدل على الاعتناء والشرف . وقال تعالى : كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها [ البقرة : 25 ] أي : كلما جاءهم الخدم بشيء من ثمر الجنة وغيره حسبوه الذي أتوا به قبل ذلك ، لمشابهته له في الظاهر ، وهو في الحقيقة خلافه ، فتشابهت الأشكال ، واختلفت الحقائق والطعوم والروائح .

قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا سكين بن عبد العزيز ، حدثنا الأشعث الضرير ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة ، إن له لسبع درجات ، وهو على السادسة ، وفوقه السابعة ، وإن له لثلاثمائة خادم ، ويغدى عليه ويراح كل [ ص: 319 ] يوم بثلاثمائة صحفة - ولا أعلمه إلا قال : من ذهب - في كل صحفة لون ليس في الأخرى ، وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره ، ومن الأشربة ثلاثمائة إناء ، وفي كل إناء لون ليس في الآخر ، وإنه ليلذ أوله ، كما يلذ آخره ، وإنه ليقول : يا رب ، لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة ، وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيئا ، وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا ، وإن الواحدة منهن ليأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض " . تفرد به أحمد ، وهو غريب ، وفيه انقطاع ، وله شاهد عن عبادة بن الصامت .

قال الإمام أحمد : ثنا يعمر بن بشر ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا رشدين بن سعد ، حدثني أبو هانئ الخولاني ، عن عمرو بن مالك الجنبي أن فضالة بن عبيد وعبادة بن الصامت حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة وفرغ الله تعالى من القضاء بين الخلق ، فيبقى رجلان ، فيؤمر بهما إلى النار ، فيلتفت أحدهما ، فيقول الجبار تعالى : ردوه . فيردونه ، فيقول : لم التفت ؟ قال : كنت أرجو أن تدخلني الجنة " . قال : " فيؤمر به إلى الجنة . فيقول : لقد أعطاني الله ، عز وجل ، حتى لو أني أطعمت أهل الجنة ما نقص ذلك مما عندي شيئا " . قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره يرى السرور في وجهه . تفرد به أحمد .

[ ص: 320 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن ثمامة بن عقبة ، عن زيد بن أرقم قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود ، فقال : يا أبا القاسم ، ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ؟ وقال لأصحابه : إن أقر لي بهذا خصمته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بلى ، والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع " . قال : فقال اليهودي : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة ؟ ! قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " حاجة أحدهم عرق يفيض من جلودهم مثل ريح المسك ، فإذا البطن قد ضمر " . ثم رواه أحمد ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن ثمامة ، سمعت زيد بن أرقم ، فذكره .

وقد رواه النسائي ، عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، عن الأعمش ، به ، ورواه أبو جعفر الرازي ، عن الأعمش ، فذكره ، وعنده : قال اليهودي : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة ، وليس في الجنة أذى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك ، فيضمر بطنه " .

قال الحافظ الضياء : وهذا عندي على شرط مسلم ; لأن ثمامة ثقة ، وقد صرح بسماعه من زيد بن أرقم .

[ ص: 321 ] حديث آخر في ذلك عن جابر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ، ولا يتغوطون ، ولا يبولون ، ولا يتمخطون ، ولا يبزقون ، طعامهم جشاء ورشح كرشح المسك " .

وقد رواه مسلم من حديث أبي سفيان طلحة بن نافع ، عن جابر ، فذكره . قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : " جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد " .

وكذا أخرجه من حديث ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، فذكره ، وقال : " طعامهم ذلك جشاء كريح المسك ، ويلهمون التسبيح والتكبير ، كما يلهمون النفس " .

طريق ثالثة عن جابر : قال أحمد : حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن ماعز التميمي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيأكل أهل الجنة ؟ قال : " نعم ، [ ص: 322 ] ويشربون ، ولا يبولون فيها ، ولا يتغوطون ، ولا يتنخمون ، إنما يكون ذلك جشاء ورشحا كرشح المسك ، ويلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس " .

طريق رابعة عن جابر : قال البزار : حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة ، وهو يعرف بعبدان ، حدثنا أبو حمزة السكري ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة ليأكلون ويشربون ولا يتغوطون ، ولا يمتخطون ، يلهمون التسبيح والحمد ، كما يلهمون النفس ، يكون طعامهم وشرابهم جشاء كريح المسك " . ثم قال البزار : ويروى هذا عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، ولم يصح سماعه منه ، وسماعه من أبي صالح صحيح

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق