80.ح مصاحف

القرآن الكريم وورد word doc icon تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf|تحميل المصحف الشريف بصيغة pdf تحميل القرآن الكريم مكتوب بصيغة وورد

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

4.نعيم أهل الجنة نسأل الله تعالي أن يمتن علينا بدخولها مع السابقين

خيل الجنة 
 خيل الجنة
قال الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا المسعودي ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من خيل ؟ فقال : " إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت " . قال : وسأله رجل فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه ، قال : " إن يدخلك الله الجنة ، يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك " . ثم رواه عن سويد ، عن ابن [ ص: 398 ] المبارك ، عن سفيان ، عن علقمة ، عن عبد الرحمن بن سابط ، مرسلا ، قال ؟ وهذا أصح .

وقد روى أبو نعيم في " صفة الجنة " من طريق علقمة بن مرثد ، عن يحيى بن إسحاق ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والفردوس أعلاها سموا ، وأوسعها محلا ، وفيها تفجر أنهار الجنة ، وعليها يوضع العرش يوم القيامة " . فقام إليه رجل ، فقال : يا رسول الله ، إني حبب إلي الخيل ، فهل في الجنة خيل ؟ قال : " إي والذي نفسي بيده ، إن في الجنة لخيلا ، وإبلا هفافة ، تزف بين خلال ورق الجنة ، يتزاورون عليها حيث شاءوا " .

وقال الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، حدثنا أبو معاوية ، عن واصل بن السائب ، عن أبي سورة ، عن أبي أيوب قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، إني أحب الخيل ، أفي الجنة خيل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوتة له جناحان ، فحملت عليه ، ثم طار بك حيث شئت " . ثم ضعف الترمذي هذا الإسناد من جهة أبي سورة ابن أخي أبي أيوب ، فإنه قد ضعفه غير واحد ، واستنكر البخاري حديثه هذا . والله أعلم .

[ ص: 399 ] وقال القرطبي : وذكر ابن وهب : حدثنا ابن زيد ، قال الحسن البصري : يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن أدنى أهل الجنة منزلة الذي يركب في ألف ألف من خدمه من الولدان المخلدين ، على خيل من ياقوت أحمر ، لها أجنحة من ذهب " ثم قرأ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [ الإنسان : 20 ] . قلت : فيه انقطاع بين عبد الرحمن بن زيد - وهو ضعيف - وبين الحسن ، ثم هو مرسل .

وروى أبو نعيم ، عن أبي أيوب مرفوعا : " إن أهل الجنة ليتزاورون على نجائب بيض كأنها الياقوت ، وليس في الجنة من البهائم إلا الخيل والإبل " .

وقال عبد الله بن المبارك : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو قال : في الجنة عتاق الخيل وكرام النجائب ، يركبها أهلها . وهذه الصيغة لا تدل على حصر ، كما دل عليه رواية أبي نعيم في حديث أبي أيوب ، ثم هو معارض بما رواه ابن ماجه في " سننه " عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشاة من دواب الجنة " . وهذا منكر أيضا .

[ ص: 400 ] وفي " مسند البزار " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحسنوا إلى المعزى وأميطوا عنها الأذى ، فإنها من دواب الجنة " .

وقال أبو الشيخ الأصبهاني : حدثنا القاسم بن زكريا ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن أبي خالد ، عن الحسن البصري ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة جاءتهم خيول من ياقوت أحمر ، لها أجنحة ، لا تبول ولا تروث ، فقعدوا عليها ، ثم طارت بهم في الجنة إلى حيث شاء الله من سلطانه ، فيتجلى لهم الجبار تعالى ، فإذا رأوه خروا له سجدا ، فيقول لهم الجبار تعالى : ارفعوا رءوسكم ، فإن هذا ليس بيوم عمل ، إنما هو يوم نعيم وكرامة . فيرفعون رءوسهم ، فيمطر الله عليهم طيبا ، فيمرون بكثبان المسك ، فيبعث الله ، عز وجل ، على تلك الكثبان ريحا ، فتهيجها عليهم حتى إنهم ليرجعون إلى أهليهم ، وإنهم لشعث غبر " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني الفضل بن جعفر ، حدثنا جعفر بن جسر ، [ ص: 401 ] حدثنا أبي ، عن الحسن بن علي ، عن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها حلل ، ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت ، لا تروث ، ولا تبول ، لها أجنحة ، خطوها مد بصرها ، فيركبها أهل الجنة ، فتطير بهم حيث شاءوا ، فيقول الذين أسفل منهم درجة : يا رب ، بم بلغ عبادك هذه الكرامة كلها ؟ فيقال لهم : كانوا يصلون الليل وكنتم تنامون ، وكانوا يصومون وكنتم تأكلون ، وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون ، وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون "



تزاور أهل الجنة بعضهم بعضا وتذاكرهم أمورا كانت بينهم في الدنيا من طاعات وزلات

قال تعالى : وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم [ الطور : 25 - 28 ] .

وقال تعالى : فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين الآيات إلى قوله : أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم [ الصافات : 50 - 62 ] .

[ ص: 402 ] قال ابن أبي الدنيا : حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا سعيد بن دينار ، عن الربيع بن صبيح ، عن الحسن ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض ، فيسير سرير هذا إلى سرير هذا ، حتى يجتمعا جميعا ، فيقول أحدهما لصاحبه : تعلم متى غفر الله لنا ؟ فيقول صاحبه : كنا في موضع كذا وكذا ، فدعونا الله ، عز وجل ، فغفر لنا " .

وقال تعالى : فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما الآيات إلى قوله : فليعمل العاملون [ الصافات : 50 - 61 ] . وهذا القرين يشمل الإنسي والجني ، يقول : كان يوسوس لي بالكفر والمعاصي واستبعاد أمر المعاد ، فبرحمة الله ونعمته نجوت منه . ثم أمر أصحابه أن يطلعوا معه على النار ، لينظر ما حال قرينه ، فاطلع فرآه في سواء الجحيم . أي : في غمراتها يعذب ، فحمد الله تعالى على نجاته مما قرينه فيه من العذاب .

[ ص: 403 ] ثم قال : تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين . أي : معك فيما أنت فيه من العذاب . ثم ذكر الغبطة التي هو فيها ، وشكر الله عليها ، فقال : أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين . أي : أما قد نجونا من الموت والعذاب بدخولنا الجنة ؟ إن هذا لهو الفوز العظيم . وقوله تعالى : لمثل هذا فليعمل العاملون يحتمل أن يكون من تمام مقالة المؤمن ، ويحتمل أن يكون من كلام الله ، عز وجل ، حثا لعباده على مثل هذا الفوز ، وليتنافس المتنافسون في الفوز عنده من النار ، ودخول الجنة ، لا موت فيها . ولهذا نظائر كثيرة ، قد ذكرناها في " التفسير " .

وذكرنا في أول " شرح البخاري " في كتاب الإيمان حديث حارثة حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أصبحت يا حارثة ؟ " فقال : أصبحت مؤمنا حقا . قال : " فما حقيقة إيمانك ؟ " قال : عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري ، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا ، وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وإلى أهل النار يعذبون فيها . فقال صلى الله عليه وسلم : " عبد نور الله قلبه " .

وقال سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال قال : بلغنا أن أهل الجنة يزور الأعلى الأسفل ، ولا يزور الأسفل الأعلى .

قلت : وهذا يحتمل معنيين : أحدهما : أن صاحب المرتبة السافلة لا يصلح له أن يتعداها; لأنه ليس فيه [ ص: 404 ] أهلية لذلك .

الثاني : لئلا يرى من النعيم فوق ما هو فيه ، فيحزن لذلك ، وليس في الجنة حزن ، والله أعلم .

وقد ورد ما قاله حميد بن هلال في حديث مرفوع ، وفيه زيادة على ما قال ; فقال الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق ، حدثنا سهل بن عثمان حدثنا المسيب بن شريك ، عن بشر بن نمير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيتزاور أهل الجنة ؟ قال : " يزور الأعلى الأسفل ، ولا يزور الأسفل الأعلى إلا الذين يتحابون في الله ، عز وجل ، فإنهم يأتون منها حيث شاءوا على النوق محتقبين الحشايا " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أنا ابن المبارك ، أنا إسماعيل بن عياش ، حدثني ثعلبة بن مسلم ، عن أيوب بن بشير العجلي ، عن شفي بن ماتع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من نعيم أهل الجنة أنهم يتزاورون على المطايا والنجب ، وأنهم يؤتون في الجنة [ ص: 405 ] بخيل مسرجة ملجمة ، لا تروث ولا تبول فيركبونها ، حتى ينتهوا ، حيث شاء الله عز وجل ، فتأتيهم [ 157 ] مثل السحابة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، فيقولون : أمطري علينا ، فما يزال المطر عليهم حتى ينتهي ذلك فوق أمانيهم ، ثم يبعث الله ريحا غير مؤذية ، فتنسف كثبانا من مسك عن أيمانهم وعن شمائلهم فيأخذ ذلك المسك في نواصي خيولهم ، وفي معارفها ، وفي رءوسهم ، ولكل رجل منهم جمة على ما اشتهت نفسه ، فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام ، في الخيل ، وفيما سوى ذلك من الثياب ، ثم ينقلبون حتى ينتهوا إلى ما شاء الله عز وجل ، فإذا المرأة تنادي بعض أولئك : يا عبد الله أما لك فينا حاجة ؟ فيقول : ما أنت ؟ ومن أنت ؟ فتقول : أنا زوجتك وحبك : فيقول : ما كنت علمت بمكانك . فتقول : أوما تعلم أن الله ، عز وجل ، قال : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [ السجدة : 17 فيقول : بلى وربي . فلعله يشتغل عنها بعد ذلك الوقت أربعين خريفا ، لا يلتفت ولا يعود ، ما يشغله عنها إلا ما هو فيه من النعيم والكرامة ، وهذا حديث مرسل غريب جدا ، والله أعلم .

وقال ابن المبارك : حدثنا رشدين بن سعد ، حدثني ابن أنعم ، عن أبي هريرة قال : إن أهل الجنة ليتزاورون على العيس الخور ، عليها رحال الميس ، تثير مناسمها غبار المسك ، خطام أو زمام - أحدها خير من الدنيا وما فيها .

وروى ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن عياش ، عن عمر بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله [ الزمر : 68 ] ، قال : هم الشهداء ، يبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول عرشه ، فأتاهم ملائكة من المحشر بنجائب من ياقوت ، أزمتها الدر الأبيض ، برحال الذهب ، أعنتها السندس والإستبرق ، ونمارقها من الحرير ، تمتد خطاها مد أبصار الرجال ، يسيرون في الجنة على خيول ، يقولون عند طول النزهة : انطلقوا بنا ننظر كيف يقضي الله بين خلقه ؟ يضحك الله إليهم ، وإذا ضحك الله سبحانه إلى عبد فلا حساب عليه .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو موسى إسحاق بن إبراهيم الهروي ، حدثنا القاسم بن يزيد الموصلي ، حدثني أبو إلياس ، حدثني محمد بن علي بن الحسين ( ح )

وروى أبو نعيم من حديث المعافى بن عمران ، حدثني إدريس بن سنان ، عن وهب بن منبه ، عن محمد بن علي ، قال إدريس : ثم لقيته فحدثني ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة شجرة ، يقال لها : طوبى . لو سخر الجواد الراكب أن يسير في ظلها لسار فيه مائة عام ، ورقها برود خضر ، وزهرها رياط صفر ، وأقناؤها سندس وإستبرق ، وثمرها حلل ، وصمغها زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر ، وترابها مسك وحشيشها زعفران مونع ، والألنجوج يفوح من غير وقود ، ويتفجر من أصلها السلسبيل والرحيق ، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة يألفونه ، ومتحدث لجميعهم ، فبينما هم يوما يتحدثون في ظلها إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجائب من الياقوت قد نفخ فيها الروح ، مزمومة بسلاسل من ذهب ، كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها خز أحمر ومرعزى أبيض مختلطان ، لم ينظر الناظرون إلى مثلها ، عليها رحائل ألواحها من الدر والياقوت ، مفضضة باللؤلؤ والمرجان ، صفائحها من الذهب الأحمر ، ملبسة بالعبقري والأرجوان ، فأناخوا لهم تلك النجب ، ثم قالوا لهم : إن ربكم عز وجل يقرئكم السلام ، ويستزيركم ; لينظر إليكم وتنظروا إليه ، وتحيونه ، ويحييكم ، ويكلمكم وتكلمونه ، ويزيدكم من فضله ، إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم . فيتحول كل رجل منهم على راحلته ، ثم انطلقوا صفا واحدا معتدلا ، لا يفوت شيء منه شيئا ، ولا تفوت أذن ناقة أذن صاحبتها ، ولا [ ص: 409 ] يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم من ثمرها ، ورحلت لهم عن طريقهم كراهة أن تثلم صفهم ، أو تفرق بين الرجل ورفيقه ، فلما رفعوا إلى الجبار تعالى أسفر لهم عن وجهه الكريم ، وتجلى لهم في عظمته العظيم ، فحياهم بالسلام ، فقالوا : ربنا أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك حق الجلال والإكرام . فقال لهم ربهم عز وجل : إني أنا السلام ومني السلام ، ولي حق الجلال والإكرام ، مرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ، ورعوا حقي ، وخافوا بالغيب وكانوا مني على كل حال مشفقين . قالوا : وعزتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك ، أدينا إليك كل حقك فأذن لنا في السجود لك . فقال لهم ربهم : إني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة ، وأرحت لكم أبدانكم ، فطالما أنصبتم لي الأبدان ، وأعنيتم لي الوجوه ، فالآن أفضيتم إلي روحي ورحمتي وكرامتي ، فسلوني ما شئتم ، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم ، فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم ، ولكن بقدر رحمتي وفضلي وطولي وكرامتي وعلو مكاني وعظمة شأني فما يزالون في المسألة والأماني والعطايا والمواهب ، حتى إن المقصر في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم أفناها ، فقال لهم ربهم : لقد قصرتم في أمانيكم ، ورضيتم بدون ما يحق لكم ، فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم ، وألحقت بكم ذريتكم ، [ ص: 410 ] وزدتكم أضعاف ما قصرت عنه أمانيكم " . وهذا مرسل ضعيف غريب جدا ، وفيه ألفاظ منكرة وأحسن أحواله أن يكون من بعض كلام التابعين ، أو من كلام بعض السلف ، فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا ، وليس كذلك . والله أعلم

أول من يدخل الجنة

[ 581 و ] ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الأنبياء كلهم ثم أمته قبل الأمم ، كما ثبت ذلك في " صحيحمسلم " عن أنس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من يقرع باب الجنة " . وعنده أيضا عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني آتي باب الجنة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن السائب بن مالك ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء " .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأ هشام [ ص: 411 ] الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر العقيلي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عرض علي أول ثلاثة من أمتي يدخلون الجنة ، وأول ثلاثة يدخلون النار ، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة ; فالشهيد ، وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه ، وفقير متعفف ذو عيال ، وأما أول ثلاثة يدخلون النار ; فأمير مسلط ، وذو ثروة من المال لا يؤدي حق الله من ماله ، وفقير فخور " .

وكذا رواه أحمد ، عن إسماعيل ابن علية ، عن هشام ، وأخرجه الترمذي ، من حديث علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، وقال : هذا حديث حسن .

وفي حديث غالب القطان ، عن الحسن ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقف العباد للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما ، فازدحموا على باب الجنة ، فقيل : من هؤلاء ؟ قالوا : الشهداء ، كانوا أحياء يرزقون . ثم نادى مناد : ليقم من أجره على الله ، فليدخل الجنة . ثم نادى الثانية : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة . قالوا : ومن الذي أجره [ ص: 412 ] على الله ؟ قال : العافون عن الناس . ثم نادى الثالثة : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة . فقام كذا وكذا ألفا ، فدخلوا بغير حساب " .

وفي حديث حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء " . وثبت في " الصحيحين و " سنن النسائي " ، واللفظ له ، من طريق عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولا الجنة " . الحديث بطوله .

وفي " صحيح مسلم " عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة

وروى الحافظ الضياء ، من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم حتى تدخل أمتي 

" سنن أبي داود " من حديث أبي خالد الدالاني ، عن أبي خالد مولى آل جعدة ، عن أبي هريرة ، قال : " أتاني جبريل ، فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي " . فقال أبو بكر : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي " . وتقدم في الصحيح : " أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس في سائر الأبواب . وقد تقدم في الحديث الصحيح : " من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي ( . من أبواب الجنة وللجنة . ثمانية أبواب ) الحديث بطوله . وفي " الصحيحين " من حديث سهل بن سعد قال : " للجنة [ ص: 414 ] ثمانية أبواب ، منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون فإذا دخلوا منه أغلق فلم يدخل منه أحد غيرهم )

باب جامع لأحكام تتعلق بالجنة وأحاديث شتى وردت فيها اضغط وادخل
 آيات وأحاديث تتعلق بالجنة
- ذكر دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء
فصل في أن الجنة والنار موجودتان الآن
- فصل في صفة أهل الجنة حال دخولهم إليها
فصل أعلى الخلق في الجنة منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فصل هذه الأمة أكثر أهل الجنة وأعلاهم منازل وأول من يدخل الجنة صدرها
فصل بيان وجود الجنة والنار وأنهما مخلوقتان موجودتان
- فصل فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا
فصل في كلام أهل الجنة
- فصل المرأة تتزوج بأزواج في الدنيا ثم تدخل الجنة فلمن تكون



باب جامع لأحكام تتعلق بالجنة وأحاديث شتى وردت فيها

قال الله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء [ الطور : 21 ] ، أي أن الله تعالي يرفع درجة الأولاد في الجنة إلى درجة الآباء ، وإن لم يعملوا بعملهم ، ولا ينقص الآباء من أعمالهم حتى يجمع بينهم في الدرجة العالية ليقر أعينهم باجتماعهم هم وذرياتهم .

قال الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ليقر بهم عينه . ثم قرأ : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) . هكذا رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم في " تفسيريهما ، عن الثوري موقوفا . وكذا رواه ابن جرير ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس موقوفا،ورواه البزار في " مسنده " وابن مردويه في " تفسيره " ، من حديث قيس بن الربيع ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه سلم . ورواية الثوري وشعبة أثبت . والله أعلم .

وروى ابن أبي حاتم من حديث الليث ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في هذه الآية ، قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان ، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا .

وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا شريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك . فيقول : يا رب ، قد عملت لي [ ص: 416 ] ولهم . فيؤمر بإلحاقهم به " . وقرأ ابن عباس( والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان) الآية .

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، في هذه الآية : والذين أدرك ذريتهم الإيمان ، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار تلحق بهم . وهذا التفسير هو أحد أقوال العلماء في معنى الذرية هنا ، أهم الصغار فقط ، أم يشمل الصغار والكبار أيضا ، لقوله : ومن ذريته داود وسليمان [ الأنعام : 84 ] ، وقال : ذرية من حملنا مع نوح [ الإسراء : 3 ] ، وقال : ذرية بعضها من بعض [ آل عمران : 34 ] ، فأطلق الذرية على الكبار ، كما أطلقها على الصغار ، وتفسير العوفي ، عن ابن عباس يشملهما ، وهو اختيار الواحدي وغيره ، وهذا كله إنما هو إلى الله عز وجل ، فإن الخير في يديه ، والخلق له والأمر له ، وهذا القول محكي عن الشعبي ، وأبي مجلز ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، وأبي صالح ، والربيع بن أنس . وهذا من فضل الله ورحمته على الأبناء ببركة عمل الآباء ، فأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء ، فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا حماد بن [ ص: 417 ] سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ، عز وجل ، ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة ، فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك " .

وهذا إسناد صحيح ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب ، ولكن له شاهد في " صحيح مسلم " ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ; صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق